Page 149 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 149

‫‪147‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫رأسهم جليل البنداري وهو‬         ‫ملامحه ولإضفاء نوع من‬              ‫النقي الطيب المثالي الذي‬
  ‫أول من أطلق عليه «العندليب‬        ‫الغرابة والنجومية‪ ،‬أو أن‬        ‫يتعذب‪ ،‬فقد شهرته شهرة‬
  ‫الأسمر»‪ ،‬ثم صاغ كتاب عنه‬         ‫تكون حدود وجهه هلاميه‬
                                     ‫(فلو‪ -‬كما يقولون) غير‬           ‫واسعة وعززت انتشاره‬
    ‫بعنوان «جسر التنهدات»‪،‬‬        ‫واضحة وصريحة وبأبعاد‬          ‫الساحق في كل البيوت المصرية‬
      ‫وكتب عنه نبيل عصمت‬        ‫غير منظورة‪ ،‬لإضفاء جو من‬
                               ‫الرومانسية الحالمة عليها‪ .‬وكن‬          ‫والوطن العربي بأكمله‪.‬‬
 ‫وفوميل لبيب ومحمود عوض‬         ‫يكتبن نص أغانية بالكراريس‬           ‫كانت تربط عبد الحليم مع‬
‫وعصام بوصيلة ومفيد فوزي‬          ‫ويخصصن كراسات ليكتبن‬            ‫ملوك ورؤساء الدول العربية‬
                                ‫فيها أغاني عبد الحليم بأقلام‬    ‫علاقات صداقة شخصية قوية‬
                  ‫وآخرون‪.‬‬        ‫ملونه منها الأحمر والأخضر‬         ‫ومتينة‪ ،‬مما زاد من شهرته‬
 ‫وكما أتصور فإنه كانت هناك‬        ‫والبرتقالي وغيرها‪ ،‬وأحيا ًنا‬  ‫الكاسحة‪ ،‬فكان صدي ًقا للزعيم‬
‫عوامل عديدة ساندت وساعدت‬          ‫كن يخلطن بين الألوان فكل‬          ‫التونسي الحبيب بورقيبة‪،‬‬
                                   ‫بيت بلون ما‪ ،‬وربما يكون‬        ‫والحسن الثاني ملك المغرب‪،‬‬
     ‫على اكتمال هذه النجومية‬   ‫معب ًرا عن معني البيت‪ .‬كما كان‬       ‫والملك حسين ملك الأردن‪.‬‬
 ‫وهذا التألق إلى جانب موهبته‬      ‫الشبان يقلدونه في تسريحة‬          ‫وبالطبع الزعيم جمال عبد‬
 ‫وصوته‪ ،‬منها ما سبق ذكره‪،‬‬       ‫شعره وطريقة ارتداء ملابسه‬         ‫الناصر‪ ،‬فقد كان عبد الحليم‬
                               ‫وألوانها‪ .‬وكان الجميع يستمع‬         ‫هو مغني الثورة وصوتها‪.‬‬
   ‫إلى جانب أنه كان من أهمها‬    ‫إلى أغانيه ليس في الحفلات أو‬
‫إصراره الشديد ‪-‬رغم الإحباط‬     ‫من خلال الراديو والاسطوانات‬             ‫ولدفء وعذوبة صوت‬
                                   ‫فحسب‪ ،‬بل في جميع دور‬             ‫عبد الحليم‪ ،‬نجد أن البنات‬
      ‫الذي انتابه‪ -‬على المضي‬       ‫السينما الصيفي والشتوي‬
    ‫في العمل بجدية بعد لقائه‬   ‫خاصة في الأحياء الشعبية التي‬            ‫الصغيرات في المدارس‬
    ‫الأول الصادم والمحبط مع‬    ‫كانت تذاع قبل بداية الفيلم وفي‬          ‫والفتيات في الجامعات‬
  ‫الجمهور في أغسطس ‪،1952‬‬        ‫الاستراحة التي تتخلل عرض‬          ‫اللاتي عاصرنه كن لا تخلو‬
  ‫أي في أعقاب ثورة ‪ 23‬يوليو‬    ‫الفيلم العربي والفيلم الأجنبي‪،‬‬   ‫كراريسيهن وكتبهن من صور‬
‫مباشرة‪ .‬وحسب رواية هشام‬        ‫فكان انتشاره على أوسع نطاق‪.‬‬         ‫عبد الحليم الفنية الملونة أو‬
 ‫عيسى طبيبه الخاص في كتابه‬     ‫كما أنه من المستحيل حصر ما‬           ‫الأبيض وأسود‪ ،‬التي كان‬
  ‫«حليم وأنا»‪ ،‬فحينما غني في‬   ‫كتب عنه في الصحافة المصرية‬        ‫المصورون يتعمدون أن تكون‬
 ‫الإسكندرية بكازينو الشاطبي‬      ‫والعربية‪ ،‬فقد كان شخصية‬          ‫خلفيتها مضيئة بشدة لإبراز‬
      ‫«صافيني مرة» وأعقبها‬      ‫نجومية مثيرة‪ .‬وأثار موجات‬
    ‫بأغنية «يا حلو يا اسمر»؛‬     ‫متتالية ومتناقضة من الجدل‬
 ‫وهما من ألحان محمد الموجي‬     ‫حول زواجه والغموض المحيط‬
     ‫وكلمات سمير محجوب‪،‬‬           ‫به وقصة مرضه الذي أثار‬
‫حاول الجمهور منعه من الغناء‬       ‫عطف الجميع‪ .‬كما كتب عنه‬
 ‫وطلب نزوله من على المسرح‪،‬‬     ‫عدد كبير من الصحفيين في كل‬
 ‫والسبب أن الجمهور لم يتقبل‬      ‫الصحافة المصرية والعربية‪،‬‬
  ‫هذا النوع من الغناء الجديد‪،‬‬    ‫ومن كبار الصحفيين الفنيين‬
 ‫حيث اعتاد وألف سماع الغناء‬     ‫والكتاب الذين تابعوه كان على‬
 ‫بأشكال معينة من أهل الطرب‬
 ‫في هذا الوقت أمثال عبد الغني‬
‫السيد ومحمد عبد المطلب وعبد‬
 ‫العزيز محمود وكارم محمود‬

                   ‫وغيرهم‪.‬‬
 ‫وكما يقول مجدي العمروسي‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154