Page 154 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 154

‫العـدد ‪23‬‬                                ‫‪152‬‬

                                 ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

   ‫أهل العراق الحسن بن علي‬         ‫الحسن حتى نزل المقصورة‬        ‫طه حسين‬  ‫برنابى روجرسون‬
      ‫بالخلافة‪ ،‬فطفق يشترط‬          ‫البيضاء بالمدائن‪ ،‬وكان عم‬
                                 ‫المختار بن أبي عبيد عام ًل على‬       ‫من معاوية‪ ،‬ثم يدخل في‬
 ‫عليهم الحسن‪ :‬إنكم سامعون‬         ‫المدائن‪ ،‬وكان اسمه سعد بن‬        ‫الجماعة‪ ،‬وعرف الحسن أن‬
 ‫مطيعون‪ ،‬تسالمون من سالمت‪،‬‬        ‫مسعود‪ ،‬فقال له المختار وهو‬       ‫قيس بن سعد لا يوافقه على‬
‫وتحاربون من حاربت‪ ،‬فارتاب‬          ‫غلام شاب‪ :‬هل لك في الغنى‬         ‫رأيه‪ ،‬فنزعه وأ ّمر عبيد الله‬
                                     ‫والشرف؟ قال‪ :‬وما ذاك؟‬        ‫بن عباس‪ ،‬فلما علم عبيد الله‬
    ‫أهل العراق في أمرهم حين‬       ‫قال‪ :‬توثق الحسن وتستأمن‬        ‫بن عباس بالذي يريد الحسن‬
‫اشترط عليهم هذا الشرط (!!)‪،‬‬       ‫به إلى معاوية‪ ،‬فقال له سعد‪:‬‬    ‫عليه السلام أن يأخذه لنفسه‬
                                   ‫عليك لعنة الله‪ ،‬أثب على ابن‬   ‫كتب إلى معاوية يسأله الأمان‪،‬‬
  ‫وقالوا‪ :‬ما هذا لكم بصاحب‪،‬‬                                       ‫ويشترط لنفسه على الأموال‬
‫وما يريد هذا القتال‪ ،‬فلم يلبث‬         ‫بنت رسول الله فأوثقه!‬        ‫التي أصابها‪ ،‬فشرط ذلك له‬
                                    ‫بئس الرجل أنت! فلما رأى‬
    ‫الحسن عليه السلام بعدما‬         ‫الحسن عليه السلام تفرق‬                         ‫معاوية”‪.‬‬
  ‫بايعوه أن ُطعن طعنة أشوته‬          ‫الأمر عنه بعث إلى معاوية‬    ‫لكن خب ًرا مختل ًفا يذكر وقائع‬
   ‫(أصابته ولم تقتله)‪ ،‬فازداد‬
‫لهم بغ ًضا‪ ،‬وازداد منهم ذع ًرا‪،‬‬       ‫يطلب الصلح”‪ .‬ويواصل‬            ‫تختلف كليًّا‪ ،‬لم ُيعزل فيه‬
                                   ‫نفس الخبر إلى موقف أخيه‬           ‫قيس بن سعد‪ ،‬ولكن ُقتل‬
   ‫فكاتب معاوية وأرسل إليه‬         ‫الحسين بن عليّ (ت ‪61‬هـ)‬          ‫‪-‬أو أشيع أنه قتل‪ -‬خلال‬
    ‫بشروط‪ ،‬قال‪ :‬إن أعطيتني‬       ‫وابن عمه “عبد الله بن جعفر”‬        ‫التأهب للقاء جيش معاوية‬
     ‫هذا فأنا سامع مطيع‪!”..‬‬        ‫(ت ‪80‬هـ) الرافض للصلح‬            ‫في المدائن‪ ،‬لأن قتله بعكس‬
                                   ‫وقول الحسين له‪“ :‬نشدتك‬          ‫المؤكد طب ًقا للمصادر جمي ًعا‬
        ‫ويظهر أن الخبر الذي‬      ‫الله ألا تصدق أحدوثة معاوية‬         ‫من أنه مات على آخر عهد‬
   ‫حاول التوسط بين الأخبار‬         ‫وتكذب أحدوثة عليّ”! وكان‬       ‫الأخير‪ ،‬ويقول الخبر‪“ :‬فبينا‬
                                 ‫رد الحسن عليه‪“ :‬اسكت فأنا‬          ‫الحسن في المدائن‪ ،‬إذ نادى‬
     ‫في تفسير أسباب الاتجاه‬         ‫أعلم منك”‪ ،‬ثم رفض قيس‬         ‫منا ٍد في العسكر‪ :‬ألا إن قيس‬
 ‫للصلح نسب –بقصد أو بدون‬          ‫بن سعد وهو على رأس اثني‬           ‫بن سعد قد قتل‪ ،‬فانفروا‪،‬‬
                                                                 ‫فنفروا ونهبوا سرادق الحسن‬
    ‫قصد– الإدانة إلى الطرفين‬         ‫عشر ألف جندي‪“ :‬فكتب‬             ‫عليه السلام حتى نازعوه‬
  ‫م ًعا‪ :‬الحسن وأنصاره! فإذا‬         ‫الحسن إلى قيس بن سعد‬            ‫بسا ًطا كان تحته‪ ،‬وخرج‬
   ‫أضفت للخبر أن ما اشترط‬        ‫وهو على مقدمته في اثني عشر‬
  ‫الحسن لنفسه لم يزد عما في‬        ‫أل ًفا يأمره بالدخول في طاعة‬
  ‫بيت المال وكان خمسة آلاف‬         ‫معاوية‪ ،‬فقام قيس بن سعد‬
‫ألف وخراج “دارابجرد” وهي‬         ‫في الناس فقال‪ :‬يا أيها الناس‪،‬‬
‫ولاية بفارس‪ ،‬خرجت بتصور‬          ‫اختاروا الدخول في طاعة إمام‬
   ‫للصلح والتنازل عن سلطة‬        ‫ضلالة أو القتال مع غير إمام‪،‬‬
   ‫الخلافة يدور حول التفريط‬       ‫قالوا‪ :‬لا‪ ،‬بل نختار أن ندخل‬
 ‫أو ربما الخيانة! وهو التصور‬
  ‫الذي يستكمله خبر آخر يبدأ‬            ‫في طاعة إمام ضلالة”!‬
   ‫بموقف عبيد الله بن عباس‬        ‫ويعود خبر آخر عن الزهري‬
  ‫الذي رفض ‪-‬في خبر سابق‬
‫ذكرناه‪ -‬اتجاه الحسن للصلح‪،‬‬              ‫أي ًضا إلى رواية القصة‬
                                     ‫من أولها في محاولة فيما‬
     ‫لكنه في هذا الخبر يكاتب‬        ‫يبدو لمنطقتها‪ ،‬يقول‪“ :‬بايع‬
‫معاوية ويخرج إليه لي ًل تار ًكا‬

   ‫جنده لا أمير لهم‪ .‬ثم يثني‬
   ‫الخبر باتجاه الحسن نفسه‬
   ‫إلى الصلح ومكاتبة معاوية‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159