Page 156 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 156

‫العـدد ‪23‬‬                                 ‫‪154‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬                          ‫“فقال له‪ :‬يا بن بنت رسول‬
                                                                      ‫الله‪ ،‬لوددت أني مت قبل ما‬
 ‫سبعين! مما يدفع إلى التفكير‬             ‫‪-4‬‬                         ‫رأيت‪ ،‬أخرجتنا من العدل إلى‬
    ‫في ارتباط المبالغة في خيال‬                                      ‫الجور‪ ،‬فتركنا الحق الذي كنا‬
                                ‫يقال إنه مات مسمو ًما‬                ‫عليه‪ ،‬ودخلنا في الباطل الذي‬
‫ناسجيها بواقعة تنازل الحسن‬                                          ‫كنا نهرب منه‪ ،‬وأعطينا الدنية‬
 ‫عن كرسي الخلافة‪ .‬وإن كان‬       ‫تعزو بعض المصادر التاريخية‬           ‫من أنفسنا‪ ،‬وقبلنا الخسيسة‬
  ‫تاريخ الخلفاء يخبرنا بأنهم‬    ‫المتأخرة إلى الحسن ول ًعا كبي ًرا‬      ‫التي لم تلق بنا”‪ .‬وأتى رد‬
  ‫كانوا أكثر من تمتع بالنساء‬                                         ‫الحسن عليه على هذا النحو‪:‬‬
‫والجواري‪ ،‬فلم تكن بالقادرين‬        ‫بالنساء‪ ،‬يقول ابن كثير في‬         ‫“إني رأيت هوى عظم الناس‬
                                    ‫البداية والنهاية (‪“ :)6‬قالوا‪:‬‬     ‫في الصلح‪ ،‬وكرهوا الحرب‪،‬‬
    ‫من محبي النساء على أيام‬       ‫وكان كثير التزوج‪ ،‬وكان لا‬           ‫فلم أحب أن أحملهم على ما‬
‫الخلفاء حاجة بكثرة الزواج في‬        ‫يفارقه أربع حرائر‪ ،‬وكان‬          ‫يكرهون‪ ،‬فصالحت ب ًقيا على‬
                                    ‫مطلا ًقا مصدا ًقا‪ ،‬يقال‪ :‬إنه‬
            ‫وجود الجواري‪.‬‬        ‫أحصن سبعين امرأة‪ .‬وذكروا‬               ‫شيعتنا خاصة من القتل‪،‬‬
  ‫ولعل هذا الجدال هو التمهيد‬                                         ‫فرأيت دفع هذه الحروب إلى‬
  ‫الأنسب لسرد بعض النتائج‬            ‫أنه طلق امرأتين في يوم‪،‬‬         ‫يوم ما‪ ،‬فإن الله كل يوم هو‬
   ‫التي يمكن أن يصل بنا هذا‬       ‫واحدة من بني أسد‪ ،‬وأخرى‬
                                  ‫من بني فزارة وبعث إلى كل‬                           ‫في شأن”!‬
     ‫الاستعراض الخبري لها‪،‬‬         ‫واحدة منهما بعشرة آلاف‪،‬‬               ‫البارز في الخبر أن حقن‬
     ‫ويمكن تلخيصها في عدة‬                                           ‫الدماء الذي أراده الحسن من‬
                                    ‫وبزقاق من عسل»! وتثير‬          ‫الصلح يقتصر على دماء شيعة‬
                   ‫عناصر‪:‬‬           ‫المصادر الريبة حول موته‬        ‫العلويين دون بقية المسلمين أو‬
‫الأول‪ ،‬أنه لا شفاء من تضارب‬     ‫فتذكر أخبا ًرا عن مقتله بالسم‬        ‫‪-‬كما يؤكد الخبر– “خاصة”‬
                                    ‫على يد واحدة من زوجاته‬            ‫دماء الشيعة! كما تبرز فيه‬
    ‫الأخبار واختلاف المصادر‬     ‫وعدها معاوية بالزواج من ابنه‬          ‫الصبغة المؤقتة أو التكتيكية‬
 ‫التاريخية والدينية التي تدور‬   ‫«يزيد»! وفض ًل عما في الأخبار‬            ‫العسكرية المتعلقة بقرار‬
                                    ‫من مبالغة تذكر بحكايات‬            ‫الصلح‪ ،‬ويستبعد سرد أبي‬
    ‫حول فترة صدر الإسلام‪،‬‬         ‫ألف ليلة إلا أن المعروف من‬
 ‫وهي أخبار شفاهية لم تدون‬            ‫أسماء زوجات الحسن لا‬                      ‫حنيفة الدينوري‬
 ‫إلا قرب أواسط ونهاية القرن‬      ‫تزيد عن سبع زوجات وليس‬                              ‫من البداية‬
 ‫الثاني الهجري خلال العصر‬
‫العباسي‪ ،‬الأمر الذي أتاح لكل‬                                                     ‫كل حديث عن‬
                                                                                  ‫نوايا الحسن‬
   ‫الاحتمالات ووجهات النظر‬                                                      ‫بخصوص عقد‬
 ‫في كل أحداث هذا التاريخ على‬                                                     ‫صلح يحقن به‬
                                                                                 ‫الدماء‪ ،‬ويعزو‬
                                                                                   ‫الاتجاه نحو‬
                                                                                  ‫الصلح بكليته‬
                                                                                  ‫وتفاصيله إلى‬
                                                                                   ‫“الفشل عن‬

                                                                                      ‫القتال”!‬
   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161