Page 155 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 155

‫كان الحسن قري ًبا من أبيه عل ّي‬                           ‫بدوره‪ ،‬وعندئذ‪“ :‬أ ّمرت شرطة‬
   ‫عبر سنوات خلافته القصيرة التي‬                                ‫الخميس (الجيش) قيس بن‬
   ‫لم تهدأ خلالها الحروب الطاحنة‬                                ‫سعد على أنفسهم‪ ،‬وتعاهدوا‬
    ‫ولم ينقض يوم فيها دون قتال‬                                    ‫هو وهم على قتال معاوية‬
    ‫أو تحضير لقتال‪ .‬لكن الأهم من‬
                                                               ‫حتى يشترط لشيعة عليّ عليه‬
    ‫ذلك في تقدير باحثين كثيرين‬                                   ‫السلام ولمن كان أتبعه على‬
 ‫شر ًقا وغر ًبا أن الحسن كان حاضًرا‬
‫لحظات مقتل الخليفة الثالث عثمان‬                                ‫أموالهم ودمائهم وما أصابوا‬
                                                                              ‫في الفتنة”!!‬
          ‫بن عفان وتأثر بها بعمق‬
                                                              ‫ويمكننا بهذا الخبر أن نضيف‬
    ‫الحسن‪“ :‬ولما رأى الحسن‬        ‫كنظري لنفسي‪ ،‬وأرى رأ ًيا‬     ‫إلى سمة التفريط التي وسمت‬
    ‫من أصحابه الفشل أرسل‬        ‫فلا تردوا عليّ رأيي‪ ،‬إن الذي‬
 ‫إلى عبد الله بن عامر بشرائط‬      ‫تكرهون من الجماعة أفضل‬         ‫بها الأخبار السابقة موقف‬
  ‫اشترطها على معاوية على أن‬     ‫مما تحبون من الفرقة‪ ،‬وأرى‬        ‫الحسن بن عليّ سمة أخرى‬
    ‫يسلم له بالخلافة‪ ،‬وكانت‬                                     ‫هي تخلي القائد عن جنده في‬
   ‫الشرائط‪ :‬ألا يأخذ أح ًدا من‬    ‫أكثركم قد نكل عن الحرب‪،‬‬
 ‫أهل العراق بإحنة‪ ،‬وأن يؤ ّمن‬   ‫وفشل عن القتال‪ ،‬ولست أرى‬                          ‫الميدان!‬
 ‫الأسود والأحمر‪ ،‬ويحتمل ما‬       ‫أن أحملكم على ما تكرهون”‪.‬‬
 ‫يكون من هفواتهم‪ ،‬ويجعل له‬       ‫فلما سمع أصحابه ذلك نظر‬               ‫‪-3‬‬
   ‫خراج الأهواز مسل ًما في كل‬
‫عام‪ ،‬ويحمل إلى أخيه الحسين‬           ‫بعضهم إلى بعض‪ ،‬فقال‬      ‫رأيت دفع هذه الحروب‬
 ‫في كل عام ألفي ألف‪ ،‬ويفضل‬        ‫من كان معه ممن يرى رأي‬            ‫إلى يوم ما‬
‫بني هاشم في العطاء والصلات‬        ‫الخوارج‪“ :‬كفر الحسن كما‬
                                ‫كفر أبوه من قبله”‪ ،‬فشد عليه‬      ‫لكن هناك مدونات تاريخية‬
        ‫على بني عبد شمس”!‬         ‫نفر منهم‪ ،‬فانتزعوا مصلاة‬    ‫أخرى تملك في حوزتها أخبا ًرا‬
   ‫وبخلاف خبر كتاب الإمامة‬      ‫من تحته‪ ،‬وانتهبوا ثيابه حتى‬
  ‫كان أول من لقى الحسن بن‬         ‫انتزعوا مطرفه (رداءه) عن‬        ‫مختلفة ومنط ًقا مغاي ًرا في‬
                                  ‫عاتقه‪ ،‬فدعا بفرسه فركبها‬      ‫السرد لواقعة صلح الحسن‬
    ‫علي بعد البيعة ون ّدمه على‬    ‫ونادى‪ :‬أين ربيعة وهمدان؟‬      ‫وتنازله عن كرسي الخلافة‪،‬‬
     ‫الصلح ودعاه إلى الحرب‬                                       ‫من أهم تلك المصادر كتاب‬
‫الصحابي حجر بن عدي‪ ،‬الذي‬            ‫فتبادروا إليه ودفعوا عنه‬   ‫الأخبار الطوال(‪ )5‬لأبي حنيفة‬
  ‫توفي مقتو ًل بيد معاوية بعد‬                      ‫القوم”‪.‬‬
‫ذلك سنة ‪51‬هـ‪ ،‬ويقول الخبر‪:‬‬                                        ‫الدينوري المؤرخ والمفسر‬
                                     ‫وفي خبر آخر نلتقي مع‬       ‫والفلكي والعالم الموسوعي‪.‬‬
                                ‫شروط متكاملة للصلح قدمها‬        ‫يعزو الدينوري قرار الصلح‬
                                                                ‫إلى تخاذل جيش الحسن عن‬
                                                                  ‫القتال‪ ،‬ويدور الخبر الذي‬
                                                                 ‫يورده أثناء السير لمعاوية‪:‬‬
                                                                ‫“فلما انتهى إلى ساباط رأى‬
                                                              ‫من أصحابه فش ًل وتواك ًل عن‬
                                                                 ‫الحرب‪ ،‬فنزل ساباط‪ ،‬وقام‬
                                                                 ‫فيهم خطيبًا‪ ،‬ثم قال‪“ :‬أيها‬
                                                                ‫الناس‪ ،‬إني قد أصبحت على‬
                                                              ‫مسلم ضغينة‪ ،‬وإني ناظر لكم‬
   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160