Page 17 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
التعجب والاستفهام ،لحالة من التخبط العام، أن يفرض مكانته أو يدعمها أو من يتمسك برفض
آخرون تفهموا منظومة التحالفات الجديدة ،أو ربما التفاوض والجلوس على مائدة الحوار ،متمس ًكا
بشعارات قوضتها مقومات الواقع .يعلو صوت
كانوا قد تكهنوا بها ،تكهنوا بما تفرضه معطيات المصالح ،وينفذ من كياناته مجنزرات لها القدرة
اللحظة التاريخية المعاصرة.
على دهس الكيانات الضعيفة أو المتشرذمة ،تتحالف
على الوجه الآخر ،وفي ضوء انعكاس صراعات تلك القوى الكبرى الرأسمالية والعسكرية أي ًضا
القوى الكبرى ،يصيب الإنسان العادي الفز ُع؛
فيعيش الفرد مشتَّتًا بين صراع الأيديولوجيات مع قوى أخرى؛ تستهدف الصعود وحماية أمنها؛
على القنوات ،والمواقع الإعلامية والإخبارية ،المؤثرة لخ ْلق تكتلات تتكامل فيها عناصر السطوة ،سواء
على العقول ،فكل ما تر َّبى عليه ،ونشأ وفق مقولاته هي قوة الاقتصاد ،أو القوى العلمية ،أو العسكرية؛
وحكاياته ،وثوابته؛ أصبح زئبقيًّا ،يتحرك من تحت وذلك لخلق محاور للهيمنة“ :إسرائيل والإمارات
قدميه ،ويتركه بلا جاذبية ،وجد نفسه في عملية والبحرين ،وما يستجد من دول عربية ،ستنضم
مقامرة بالمفاهيم والثوابت ،التي كان لها قوام
متماسك في بنية شخصيته ،وتطلعاتها ،وأهدافها للتطبيع في الأيام القادمة” ،ومواجهة محاور
بالحياة ،مجموعة ِق َي ِم ِه التي يؤمن بها ،وقضاياه أخرى مثل التقارب بين إيران وتركيا ،وتابعتهما
التي دافع عنها طوي ًل ،أعني في منظومة تكوين قطر ،وجماعة الإخوان الأصولية ،أي تحالف ُن ُظم
ُه َو َّيتِه ،لقد باتت كل الثوابت -التي كان يقبض
عليها -في مهب الرياح .أفقدته كل هذه التحولات الحكم الشمولية والأصوليين :السنة والشيعة،
وزيادة الهيمنة الثقة في كل ما يقال ،وفي كل من الذين يريدون ف ْرض إرادتهم ،ون ْشر أيديولوجيتهم
يقولون ،في المعنى ومن يحملونه من شخوص.
فح َّول كل خبر تعمل مجموعات على شيطنته، كل واحد منهم بحسب عقيدته الدينية وانتماءاته،
والشوشرة حوله ،والتشويش عليه ،تخويف الناس والاستحواذ على مناطق استراتيجية لها أهميتها
من ملابساته ،وتزييف الحقائق ،وقلبها لعكس ما
يراد منها ،تزوير الحقائق ،وبث الكراهية والبغضاء كمصدر ثروة ،أو لكونها ضرورة للمصادر
لدى الجماهير العريضة ،ودفعهم للتشكك في الطبيعية لاستمرار وجود الإنسانُ ،قوى تريد
أي منجز يتم فعله ،لقد ُفقدت الثقة والأمان بين إحياء فترات مجدها وتس ُّيدها للعالم في مراحل من
جماهير غفيرة من الشعوب وحكامها ،نتيجة لتدخل التاريخ ،تريد أن تستعيد صدارة المشهد ،وأمجادها
الافتراءات التي تطلقها كتائب خلايا الإخوان في الغابرة؛ فتفرض توجهاتها المذهبية الدينية ،وتهيمن
تركيا وقطر ،وباقي أنحاء العالم ،أو لاستشراء على العقول ،وتقضي على ،أو ُتض ِعف كل ِف ْك ٍر
الفساد بين المسئولين ،وافتقار الكثير منهم للقدرة مخالف لتو ُّجهها الأيديولوجي الديني والسياسي.
على التخطيط الجيد ،الذي يلبِّي أولويات المواطن تشير دلائل توالي الأحداث -هذه الآونة -إلى
العادي أو ًل ،لقد بات التوجس حاض ًرا بقوة في
كل شيء حولنا ،هذا على أحد الأصعدة ،وفي لحظة أن ما ُخطط له تحت سطح الماء؛ كان
صاخبًا ،وم َّوا ًرا ،وبلا نهاية ،لأنه عندما
كتابة هذا المقال. طفا للإعلان عنه كان مباش ًرا وصاد ًما
على صعيد آ َخر ،يعيش الفرد منسح ًقا ،مشتَّتًا في للكثيرين؛ فتباينت انفعالات الجميع،
واستحالت ملامح البشر
البلاد التي تشتعل بها النزاعات ،إما من وطأة
الحروب ،التي ُيزج بها ،نتيجة لصراعات القوى لكثير من علامات
في العديد من الدول العربية ،في سوريا والعراق،
واليمن ،وليبيا والسودان ،أو من أوضاع حياتية
بائسة في كثير من الدول العربية ،لا ُتراعى فيها