Page 15 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 15

‫‪13‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                                                              ‫د‪.‬أماني فؤاد‬

‫كيف يمكن للسرد أن يرصد عراء التح ُّولات‬
                      ‫في الشرق الأوسط؟‬

         ‫تتمثل الكتابة الروائية الحديثة حا َل من يواجه الموت‪ ،‬أو العبث‬

    ‫واللايقين من أي شيء‪ ،‬وتستحضر كيف تكون مشاعره من ُيطلب منه‬
      ‫الاختيار‪ ،‬ولا يعرف لماذا عليه الاختيار‪ ،‬وما الجدوى‪ ،‬يبحث السرد‬

    ‫حول هذا الجحيم؛ فيسمع ال ُك َّتاب ممن خاضوا هذه الحروب‪ ،‬ويتتبعوا‬

          ‫المعلومات‪ ،‬واللقطات المص َّورة‪ ،‬والأفلام الوثائقية‪ ،‬والأحاديث‬
       ‫والنقاشات‪ ،‬والحوار بين الفصائل المتنازعة؛ ليبلوروا كيف تكون‬
     ‫هذه اللحظا ُت مصيري ًة‪ ،‬وفاصلة في حياة الأفراد والشعوب‪ ،‬كما أنهم‬
      ‫ينشغلون بالتجربة السردية وفنياتها وآلياتها؛ لتصبح أكثر توت ًرا‪،‬‬

                                     ‫وتع ِّبر عن تلك الصراعات المع َّقدة‪.‬‬

  ‫من خلف الملامح‪ ،‬التي تص ّدرها للعالم بريئة‪ .‬فلم‬              ‫تزداد هيمنة “الولايات المتحدة الأمريكية”؛ القوة‬
    ‫يعد هناك بأس أو حياء في إعلان المواقف‪ ،‬التي‬
                                                                 ‫العظمى بالعالم‪ ،‬على منطقة الشرق الأوسط‪ ،‬كما‬
  ‫تفصح عن تو ُّجه الجميع البراجماتي النفعي‪ ،‬كأن‬                 ‫تتصاعد بعض القوى الأخرى مثل إيران وتركيا‪،‬‬
‫العالم أصابته ُح َّمى العراء والكشف عن الأقنعة‪ .‬لقد‬
                                                                  ‫المتطلع َتين في السنوات الأخيرة للزعامة؛ ب َر ْسم‬
 ‫أصبحت الرأسمالية المتجبرة‪ ،‬والقوى الدولية ذات‬                    ‫وتغذية المخطط التدميري التوسعي على حساب‬
   ‫المؤسسات ‪-‬التي تعتمد على ف ْرض إراداتها بقوة‬                  ‫دول المنطقة‪ ،‬ع ْبر ن ْشر الفتنة والفوضى‪ ،‬وتغذية‬
‫السلاح‪ -‬تتحكمان في خريطة العالم‪ ،‬وتعيد ر ْسمها‬                ‫مشاعر الطائفية والأحقاد بين الجميع‪ ،‬ع ْبر تمددهما‬
‫وفق مخططاتهما‪ ،‬التي غالبا ما يتم التنسيق بينهما‪،‬‬               ‫في بعض الدول المجاورة‪ ،‬وب ْسط نفوذهما على البر‬
‫يتدخلان في سياسات الدول‪ ،‬التي لم َتلحق شعوبها‬                   ‫والبحر م ًعا‪ ،‬في تو ُّجه يعاند معظم القوى المجاورة‬
 ‫وحكامها بالنضج الفكري أو السياسي؛ فيؤججان‬                      ‫والمحيطة‪ ،‬الأوروبية والعربية‪ .‬نشاهد أمام أعيننا‬
    ‫الصراعا ِت ال ِعرقي َة والطائفية؛ لإشعال الحروب‬                ‫مراحل وخطوات تلك المساعي دون اهتمام من‬
‫بأنواعها‪ ،‬سواء الأهلية‪ ،‬أو حروب العدو الخارجي‪،‬‬                   ‫الجميع ببذل جهد لتجميل ملامحهم أمام البشر‪.‬‬

        ‫مستغلان الجهل والنزعات ال َقبلية‪ ،‬وأطماع‬                      ‫فلكل القوى أكثر من وجه في ِظ ِّل المتغيرات‬
 ‫الاحتفاظ بال ُّسلطة لدى الجميع‪ ،‬مو ِّظفان َو ْض ِعيَّ َت ْي‬       ‫الإقليمية‪ ،‬التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط‬
                                                              ‫اليوم‪ ،‬حتى القوى المستض َعفة ُمح َّملة أي ًضا بقبحها‬
                              ‫الضعف والتناحر‪.‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20