Page 209 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 209
207 ثقافات وفنون
كتب
الطبيعة تسيطر على أمكنة السرد، «وستشهد أنحاء أخرى من صندل يمكن أن يفوح من جثث
جبال وطيور وأشجار وأعشاب، الجبال تينع بالأعناب قالت كاقو»، نافقة بسياسات التغييب لأجل
السلام؛ السلام الذي رأيته في
والإشارة إلى العلاقة الوطيدة والقول الفصل فيما قالته فتينا: منولوج الرواية ومنولوج الرضية
بالطبيعة دلالة على أهميتها، «سنشهد اسراب نعام جديدة تبلغ
وماريا وكاقو وفيتنا اللاتي
وبالتالي أهمية التنمية التي دارت رشدها» ،كأنها تقول إن النعام صعدن معي على الجبل المجاور،
بسببها الحروب على أرض الواقع. التي تبلغ رشدها مؤشر إلى رفع
الرأس من رمل التغييب ،مواجهة ولم يهجسن في ساحة نيتشه
فكرت أن تركز هذه القراءة على الواقع ورتق جروحه الموغلة في على الجوار ،وجرفن خطاي نحو
هذا الجانب ،البيئة ومعالمها في البحث عن كنوز المعارف ،معرفة
الرواية ولكني أفتتح بها با ًبا التاريخ.
حينها لا يكون الحب فقط في الذات الطريق لمعرفة الآخر؟
للمهتمات والمهتمين بالبيئة (هدنات الخريف) بل فعل دائم، العوالم المتخيلة للنساء ،صانعات
وحمايتها. وسيفوح من جسد الرضية بعد الحياة وسلامها ،وهاجو يسعى
أن يمسح عنها رائحة الحروب للقتال وتشق أدوات الميثولوجيا
«يا كاقو اكتملت غرفتي الجديدة النتنة ،إن الراء عندها معلقة على صدره ليتعافى ثم ينطلق إلى جرح
في اللبايتور ..واسعة عالية لها جيد جوادها ،رج ًل فار ًسا يحتمل
صهيلها وجنونها وتوهج عينيها البلاد.
نافذتان كبيرتان من جهة الشمال مثلما تتوهج عيون البلاد التي «قالت كاقو :يمكننا أن نروي
وأخريان من الجنوبن إضافه ابتلت بالحروب والصراعات.
إلى باب السنط الذي يطل من قص ًصا
الشرق». سؤال السلام والبيئة فتينا قالت :سنشهد أسراب نعام
نافذة الواقع تطل على جنوب
«كان يمكنني قضاء ساعات جديدة تبلغ رشدها
منفصل ،وشرق ملتهب ،وشمال متصلة في توطيد علاقتي بمظاهر وستشهد أنحاء أخرى من الجبال
مفقر مثله مثل باب السنط.
الطبيعة في أنحاء بلدتي ،فأقوم تينع بالأعناب قالت كاقو
هكذا تقمصت حالات المحارب أحيا ًنا بفرز الزهيرات عن الأوراق ونسمع إلى إيقاعات فريدة،
القديم وبانحيازي للرضية ،لفتينا، سنجلب طبول من فشودة ،وازا
وفصل البذور عن السنابل ثم من الكرمك وربابات من القرير.
ماريا ،لاري وكاقو ،وجدتني بذرها في الأراضي البور عند أضافت لاري .قلت لهن المهم
أبحث عن إجابة في وهج أعنابها سفح الجبال ،أو استنشاق عبير
على هامة الجبل ،إجابة عن سؤال الأعشاب وتقطيرها وابتكار القتال!
التنمية المتوازنة والسلام العادل. أمزجة عطرية جديدة منها»(.ص)129 لاري لم تسمع شكيتي
كان له لو لم يفكر طول الوقت في فاستطردت :بالمبو من مريدي
تجلت الرواية في الحرب.. الحرب والقتال .البدائل التي كان ونوبات من أم درمان.
تجلت في الحب.. سيفعلها هي أفعال الحياة ،أفعال كاقو قالت :نتذكر أنبذتنا التي
التنمية بغرس ثمار في الأراضي تعتقت ،بلعت ريقها واستطردت:
تجلت في صراع ضد أو مع راء البور وما أكثرها في السودان،
الحرب والإيمان بالتوازن البيئي والحق وقص ًصا ما اكتملت.
الذي كان سيكون مكفو ًل لنمو فتينا هتفت مستاءة :القتال..
(تجليات الحرب والسلام في السرد الثروة الحيوانية وإشاعة روح
النبات كلورفيلا لروح البلاد. القتال! تنوي إراقة دمائنا
السوداني) عمل ُمضني أعمل عليه منذ أعوام هاجو»(ص)108
للخروج بإطار نظري من الواقع المتخيل لنتأمل المقطع اعلاه من صفحة
،108إيقاعات متنوعة مؤشر
في الروايات .رواية مدينة واحدة وأحوال
للهويات المختلفة والاعتراف بها
المحارب القديم للروائي الحسن بكري يخلق هوية وطنية ،إشارة للتنمية
اعتبرهما مصد ًرا مله ًما لهذا العمل.