Page 214 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 214

‫العـدد ‪23‬‬                         ‫‪212‬‬

                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

  ‫المشروعة الذين تلاعبوا به‪ .‬يلجأ‬     ‫أرسلت لك رسالة‪ /‬أو مررت على‬        ‫وفيه‪ ،‬سجل ما كان يحدث أولا‬
 ‫للعالم الافتراضي‪ ،‬هربا من عزلة‬         ‫صفحة قبرك ووضعت «لايك»‬           ‫بأول‪ ،‬وكأنه يستأنس بالوجود‬
 ‫فرضها عليه القصف المجنون على‬            ‫أو تعلي ًقا يضحكك‪ /‬حتى الآن‬      ‫الافتراضي يستبدل به الواقع‬
                                       ‫صعب هذا فالله لا يسمح بخرق‬        ‫من حوله‪ :‬صرت ألتقي بالناس‬
   ‫الأحياء‪ ،‬ولكنه لا يذكر القصف‬                                          ‫هنا على هذه الشاشة‪ /‬أحبهم‪..‬‬
     ‫في أشعاره‪ ،‬بل يذكر الوحدة‬       ‫الحجب‪ /.‬أمي! سأذهب للنوم بعد‬      ‫هنا‪ /‬أتعامى عنهم‪ ..‬هنا‪ /‬أصبح‬
                                         ‫قليل‪ /‬تعرفين ماذا يعني هذا؟‬      ‫عليهم‪ ..‬هنا‪ /‬أمسي‪ ..‬هنا‪ /‬ما‬
   ‫فقط‪ :‬مستح أن أسألك‪ /‬لو مت‬                                             ‫أكثرهم يا أمي‪ ..‬أسماء من كل‬
 ‫وصرت في عالمكم السفلي‪ /‬ممكن‬         ‫وحدي يا أم شاهر وحدي‪ /‬وحيد‬
  ‫أكون صداقات مع نساء موتى؟‬          ‫مثل قصيدة لم يعلق عليها أحد ولا‬      ‫اللغات‪ /‬أسماء تسكن أطراف‬
                                                                                              ‫الأرض‪.‬‬
     ‫صداقات «يما» يعني حقيقية‪،‬‬                  ‫جبر بخاطرها «لايك»‪.‬‬
   ‫جثمان لجثمان‪ /‬عظام لعظام‪/‬‬         ‫في قصائده‪ ،‬يخاطب شاهر النساء‪،‬‬        ‫في اليوميات يكتب خضرة على‬
                                      ‫يبحث عنهن‪ ،‬يكتب عنهن خيالاته‬       ‫الفيس بوك‪ ،‬يحكي عن السيدة‬
      ‫جمجمة لجمجمة‪ /‬أي شيء‬                                                ‫التي سيذهب لتعزيتها في فقد‬
    ‫حقيقي‪ /‬سيكون أفضل أليس‬               ‫المخزونة منذ أن جرب شعور‬      ‫ابنها‪ :‬أصدقائي! في سوريا حاليًا‪،‬‬
 ‫كذلك؟ أمي لا ترد نهائيًّا‪ /‬ليست‬          ‫«المنفي»‪ ،‬أول مرة‪ ،‬بقرار من‬    ‫شارع مقطوعة الكهربا وشارع‬
   ‫على الشات‪ /‬أنا أكتب لوحدي‪/‬‬            ‫القدر‪ ،‬فالصغير يولد في قرية‬     ‫مكهرب‪ ،‬شارع موصولة شبكة‬
  ‫أنا افتراضي افتراضي حتى مع‬            ‫الناصرية‪ ،‬وبعد خمس سنوات‬          ‫الموبايل‪ ،‬وشارع جثة لا حياة‬
                                      ‫يموت الأب‪ ،‬وتتزوج الأم وتغادر‬
                         ‫الموتى‪.‬‬        ‫القرية‪ ،‬ويكفل الجدان الصغير‪،‬‬       ‫فيها‪ ،‬والأسوأ تلك الحواجز‪.‬‬
‫عندما قامت مجموعة من المسلحين‬           ‫ثم يموت الجد‪ ،‬وتكبر الجدة في‬      ‫غ ًدا سأمر بعشرات الحواجز‪.‬‬
‫باختطافه في أواخر ‪ ،2012‬قال في‬         ‫الصحة وضيق اليد‪ ،‬ليتو ّقف عن‬      ‫إنها أم افتقدت ولدها الشاب في‬
                                     ‫الدراسة‪ ،‬ويلتحق بمدرسة الشقاء‪،‬‬      ‫درعا‪ ‬ع ّزيتها بالهاتف فقالت‪ :‬يا‬
  ‫يومياته‪ :‬قلت في نفسي ما أسوأ‬            ‫تائ ًها على وجه الأرض‪ ،‬يقوم‬   ‫حيف!! رخصنا عندك يا شاهر؟‬
  ‫حظهم وقد اختطفوا من لا فائدة‬         ‫بأ ّي عمل يكسب به كفاف يومه‪،‬‬        ‫تع ّزيني بالهاتف؟ وفي أعماله‬
 ‫لهم من اختطافه‪ ..‬وتزامن الحدث‬          ‫ويتعلم الصبي الوسيم أصعب‬        ‫الشعرية الكاملة‪ ،‬في نفس الفترة‬
                                          ‫المهن‪ ،‬مهنة الحدادة‪ ،‬ويصبح‬     ‫الزمنية‪ ،‬يكتب مخاطبًا أمه التي‬
     ‫مع كتابة قصائد لا تشير إلى‬                                           ‫فقدها وهو في الخامسة‪ :‬كنت‬
  ‫حادث الخطف‪ :‬لا مال في جيبي‬                ‫الشاعر نجار حديد مسلح!‬
                                           ‫في قصائده‪ ،‬يخاطب الشاعر‬
    ‫صباح اليوم في بيروت‪ /‬كنت‬           ‫جميع النساء‪،‬‬
   ‫أنام في سيارة من دون أبواب‪/‬‬             ‫صديقات‪،‬‬
   ‫صحوت‪ /‬شممت ريحة قهوة‪/‬‬             ‫حبيبات‪ ،‬أمهات‪،‬‬
                                     ‫يشارك شاعرات‬
    ‫من بيت جارتنا (ببرزة) آه يا‬         ‫كتابة قصائد‬
   ‫سلمى‪ /..‬خرجت إلى الطريق‪/‬‬           ‫مشتركة‪ ،‬يفرغ‬
‫دققت با ًبا‪ /‬ثم با ًبا‪ /‬ثم نافذتين‪/‬‬  ‫فيها طاقة الحب‬
  ‫تطردني الملامح‪ /‬مر بي رجلان‬           ‫التي تعوضه‬
     ‫في سيارة‪ /‬نظرا بلؤم شماتة‬            ‫عن شعور‬
                                      ‫بوحدة فرضها‬
                       ‫لهويتي‪..‬‬         ‫عليه رجالات‬
         ‫عندما بلغ شاهر خضرة‬         ‫الحروب‪ ،‬وتجار‬
   ‫العشرين‪ ،‬بدأ ترحا ًل لن ينتهي‬         ‫الهجرة غير‬
    ‫إلا بعد ثلاثين عا ًما‪ ،‬تحاصره‬
 ‫الصحراء من كل جانب في مدينة‬
      ‫سبها الليبية‪ ،‬وعندما طردت‬
       ‫الحكومة الليبية السوريين‬
   ‫نهاية ‪ ،1976‬نتيجة خلافها مع‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219