Page 97 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 97

‫نون النسوة ‪9 5‬‬                                      ‫في روحها‪ .‬لم تنتبه لما قاله موظف شباك التذاكر‪..‬‬
                                                   ‫تعثرت وهي تنحني لتحمل شنطتها»‪ .‬فتظهر ثنائية‬
    ‫قبل أن يمارس المجتمع ضغوطه عليها‪ ،‬وهو ما‬        ‫الإقبال والإحجام في دخول تلك الفتاة ‪-‬الشخصية‬
      ‫يمكن تسميته بـ»الهوية الآخرية»‪ .‬فالمرأة هي‬   ‫الرئيسة‪ -‬صالة العرض؛ إذ إن إقبالها على مشاهدة‬

  ‫الذات والآخر في الوقت نفسه‪ ،‬هي (الذات) وعدو‬        ‫عرض «سندريلا في رقصة التانغو» يوقفه بعض‬
   ‫تلك (الذات) وهو ما يمكن التعبير عنه في وصف‬             ‫العثرات‪ ،‬ثم اصطدامها بأحد المتفرجين حال‬
   ‫تلك البطلة أثناء مشاهدتها للعرض «فهي رقصة‬
                                                     ‫دخولها صالة العرض‪ .‬ثم إ ّن هذا العرض في حد‬
       ‫تشبهها كثي ًرا بتناقض موسيقاها وحدتها»‪.‬‬     ‫ذاته ُيمثّل تحد ًيا للصورة النمطية عن سندريلا‪ ،‬تلك‬
   ‫فالنموذج المتمرد للمرأة ‪-‬إن صح تسميته كذلك‬
  ‫فقط للتعبير عن المرأة اللانمطية‪ -‬تقع في الحقيقة‬     ‫التي ترقص التانغو وتصارع وتشعر بالانتصار‬
  ‫ضحية لهذا التشتت النفسي‪ .‬وإن كان في ضمنية‬           ‫أثناء الرقص‪ ،‬متشظية بين الحب والكراهية؛ بين‬
                                                   ‫كونها محط الرغبة ومصدر العنف في الوقت نفسه‪،‬‬
     ‫القصة بعض الإحباط‪ ،‬إلا أن دفقة الأمل تأتي‬        ‫تتج ّل فيها طبيعة تصادمية خشنة حينًا وناعمة‬
    ‫في النهاية عند اختيارها حضور العرض مجد ًدا‬
                                                                                         ‫حينًا آخر‪.‬‬
            ‫واختيار اللون المفضل لنظارة العرض‪.‬‬       ‫في هذه القصة‪ ،‬تنسج الكاتبة حيال تلك الثنائيات‬
   ‫يلحظ القارئ أن النصوص في النصف الأول من‬             ‫طبيعة الهوية النسوية المتشظية‪ :‬التي تريد ترك‬
  ‫المجموعة يسيطر عليها صوت السارد العليم‪ .‬وقد‬         ‫العنان لرغباتها‪ ،‬ولكن تحجمها «ذاتها» وتعطلها‬
 ‫يرجع اعتماد الكاتبة هكذا صوت إلى إظهار موضع‬

    ‫السلطة في السرد؛ فقد خيّم على تلك النصوص‬
   ‫شحنات الكآبة والحزن في كثير من المواضع‪ .‬أما‬
  ‫في النصف الآخر فيجد القارئ تب ُّد ًل واض ًحا‬
 ‫في استحواذ الأنثى على السرد بلسان المتكلم‪،‬‬
  ‫كما في قصة «ذيل حصان»‪ ،‬تقول الشخصية‬

    ‫الرئيسة‪« :‬كل ما استطعت عمله تعبي ًرا عن‬
     ‫اعتراضي هو رفضي تغيير لون (رابطة)‬
   ‫شعري»‪ ،‬ذات اللون المخالف للز ّي المدرسي‪.‬‬
    ‫ثم تأتي مرحلة قصها شعرها للتخلص من‬
‫الـ(رابطة)‪ .‬فيلحظ القارئ السيطرة المطلقة على‬
 ‫السرد‪ ،‬فتروي الأحداث من وجهة نظرها هي‪،‬‬
‫لأ ّن صوت المرأة في السرد النسوي يصدح عاليًا‬
    ‫معلنًا عن وجوده (الفاعل) بعدما كان صو ًتا‬

                                     ‫ُمسكتًا‪.‬‬
     ‫لا يفوت الكاتبة استجلاب النظرة الشمولية‬
 ‫للمجتمع‪ ،‬ذلك المجتمع الذي يقع فريسة لبراثن‬
     ‫القهر والظلم؛ فيعاني فيه الصغير والكبير‪،‬‬

        ‫الرجل والمرأة على حد سواء‪ .‬تستحضر‬
  ‫الكاتبة في قصة «عائلة زيزي العصرية» الفيلم‬
  ‫الكلاسيكي الشهير من مخيلة القارئ‪ ،‬ثم تخلع‬
‫عليه واقعية تج ُّسد الذات النسوية في ظل مجتمع‬
    ‫محكوم عليه بالقمع والتوتر‪ .‬فيجد القارئ أن‬
 ‫الأم «سرعان ما اتخذت مكانة مزدوجة وحاولت‬
‫جاهدة أ ّل تشعرهم (أبناءها) بأي تقصير‪ .‬تحاول‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102