Page 96 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 96

‫العـدد ‪23‬‬    ‫‪94‬‬

                                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

 ‫الإنسان مشاعره ويعبر عنها بكل أريحية‪ ،‬وهو ما‬           ‫للمرأة في المجتمع بكل ما يحيط بها من أعراف‬
‫تفسره خاتمة القصة بقول «لقطة» لخطيبها «بحبك‬          ‫وتقاليد حاصرتها وحاصرت وظيفتها الحياتية في‬

  ‫أنا كمان وأكتر»‪ ،‬فنجد استعادة الفتاة حريتها في‬                               ‫جانب ضيق محدود‪.‬‬
 ‫البوح عبر التعبير عن مشاعرها التي هي جزء من‬        ‫يطالع القارئ في قصة «أنغام الوحدة» حالة أخرى‬

                   ‫ذاتها رغم اعترافها بهشاشتها‪.‬‬       ‫من طمس ملامح الهوية النسوية‪ .‬ترصد الكاتبة‬
     ‫من سمات السرد فيما يتعلق بالهوية النسوية‬        ‫حكاية الأخت الكبرى «لقطة» التي تراعي أشقاءها‬
  ‫هو وجود الثنائيات الضدية (الإقبال والإحجام‪-‬‬
     ‫الحب والكراهية‪ -‬الأمل والإحباط) ففي قصة‬           ‫الصغار بعد موت أبويهم‪ ،‬وتظل في حال نسيان‬
    ‫«حلبة تانغو» والتي كما يوحي عنوانها بوجود‬       ‫ذاتها والتضحية بنفسها حد التلاشي‪ .‬تقول أختها‬
      ‫حلبة الصراع والاقتتال‪ .‬ترصد القصة تغي ًرا‬
     ‫واض ًحا في الإيقاع السردي للمجموعة؛ فتنتقل‬          ‫الصغرى لها «انتي اللي اخترتي الدور ده من‬
   ‫من خطاب يحمل كثير من الأسى والحزن‪ ،‬رغم‬               ‫الأول‪ ..‬كملي بقه»‪ .‬إن مثل تلك الكلمات لا تمثل‬
   ‫بعض اللمحات خفيفة الظل‪ ،‬ليتحول في النصف‬            ‫مجرد رأي شخصي ولكن تبدو كصوت المجتمع‬
  ‫الثاني من المجموعة إلى خطاب أكثر حيوية‪ .‬فتبدأ‬       ‫يزعق عاليًا‪ ،‬وقد فرض حصا ًرا نفسيًّا على أمثال‬
     ‫القصة بمدخل سريع وإيقاع متنا ٍم يكاد يقفز‪،‬‬          ‫«لقطة» ممن أحاطت بهم الظروف في وقت ما‪،‬‬
 ‫تقول‪« :‬متعجلة دائ ًما‪ ،‬السماعات في أذنيها والبراح‬     ‫وفرضت عليهم التضحية‪ ،‬لتصبح فيما بعد أم ًرا‬
                                                      ‫مسلَّ ًما به‪ ،‬بل و ُتمنع أن تتخلى عنه أو تغيره‪ .‬ولا‬
‫فيلم عائلة زيزى‬                                     ‫يفوت الكاتبة أن تذكر أحد تلك الأسباب التي دفعت‬

                                                           ‫«لقطة» إلى هذا المصير‪ .‬ففي طفولتها كانت‬
                                                            ‫«معظم هدايا عيد ميلادها كانت واستمرت‬

                                                             ‫لوقت طويل عرائس‪ ،‬بداية من باربي مع‬
                                                       ‫عربتها وإكسسواراتها حتى كرومبة والعروسة‬
                                                       ‫المعجزة وقتها كب كيك»‪ .‬تلفت الكاتبة النظر إلى‬
                                                       ‫أن طبيعة تنشئة الفتاة لها دور كبير في التكوين‬
                                                        ‫الثقافي لهويتها ودورها الاجتماعي‪ ،‬تقول «من‬

                                                          ‫الواضح أن الجميع كان وبدون قصد يعدها‬
                                                           ‫لذلك الدور‪ ،‬وأنها فع ًل الأنسب له»‪ .‬وعليه‪،‬‬
                                                        ‫فليس من المستغرب أن تخرج علينا هذه الفتاة‬
                                                        ‫التي تشبه إلى حد ما فتيات الثمانينيات‪ ،‬تعيش‬
                                                        ‫في زمن غير زمنها‪ ،‬وليس مستغر ًبا ألا ترتدي‬
                                                        ‫سوى الأبيض والأسود‪ ،‬وقد تلاشى من عالمها‬
                                                          ‫قاموس الألوان‪ .‬ولكن على الرغم من الأجواء‬
                                                           ‫الكئيبة المسيطرة على القصة‪ ،‬فإن الكاتبة في‬
                                                            ‫محاولة منها لتلمس توازن مجتمعي‪ ،‬تق ّدم‬

                                                              ‫شخصية خطيب «لقطة» المُنطلق والمُحب‬
                                                         ‫للحياة محاو ًل إرجاعها إلى اليوتوبيا المأمولة؛‬

                                                            ‫فليس كل المجتمع ذكور ًّيا متعنتًا‪ .‬فيطالبها‬
                                                             ‫بارتداء اللون الأحمر والخروج من عصر‬
                                                            ‫الثمانينيات لحضور الـ»فرح» معه‪ .‬ويبدو‬
                                                         ‫من مدلولات ذلك الفرح أنه معادل موضوعي‬
                                                             ‫للعالم المُبتغى الأكثر رحابة‪ ،‬حيث يحترم‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101