Page 91 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 91

‫نون النسوة ‪8 9‬‬

          ‫الثاني‪ :‬السرد التخييلي للأفعال السردية‪.‬‬       ‫‪ -‬الإيحاءات الناتجة عن الدلالة‪ ،‬وهي إيحاءات لا‬
                                         ‫فنرى‪:‬‬                                         ‫نهائية التأويل‪.‬‬

 ‫‪ -1‬كنا الأجمل والأكثر عش ًقا للفن وبالطبع الأكثر‬          ‫لكن الكاتبة بعد ذلك تقدم نصو ًصا صريحة‬
                                         ‫جنو ًنا‪.‬‬         ‫الدلالة‪ ،‬ونصو ًصا متوسطة بين الغوض‪ ،‬وبين‬
                                                          ‫المباشرة‪ ،‬وفي النهاية يمكن أن تقول إننا بصدد‬
       ‫‪ -2‬بدأت القصة في المعهد العالي للموسيقى‬             ‫كتابة مراوغة تحتل مساحة كبيرة من الرموز‬
                               ‫«الكونسرفتوار»‪.‬‬           ‫السردية التي تنتمي إلى النص‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
                                                       ‫يمكن أن تعمل على الصورة الشعرية في القصيدة‪،‬‬
    ‫ثم في التمهيد الحكائي نفسه يتحول السرد إلى‬         ‫فهي تستقل بالدلالة لدرجة أنك يمكن أن تستشهد‬
                                ‫التخييل التأويلي‪:‬‬        ‫بها على بعض الدلالة النصية‪ .‬فنرى ‪-‬على سبيل‬
                                                        ‫التمثيل‪ -‬في قصة «رهان ملاك» وفي نهاية النص‬
      ‫‪ -1‬كان هائ ًما يبحث عن مدار وسط النجوم‪.‬‬
     ‫وكنت أنا وبكل هدوء في انتظار ليلة الاكتمال‪.‬‬                                    ‫وبأسلوب الحوار‪:‬‬
     ‫تضفير الرمز المادي الظاهر بالتأويل التخييلي‬        ‫«أنت لم تتعد حدود ذلك الشاطئ ولو لمرة واحدة‬
      ‫المفتوح الدلالة‪ ،‬يجعل من الذوات ذا ًتا واحدة‪،‬‬
   ‫ومن الأفعال فع ًل واح ًدا‪ ،‬ومن الآثار الدلالية في‬         ‫بالطبع تكفيني ليلة واحدة من الخلود دونها‬
‫النصوص أث ًرا واح ًدا‪ .‬طموح السرد في بلوغ الفكرة‬        ‫وهذا من شأنه أن يعيد الدلالة إلى أولها في النص‪،‬‬
     ‫هو الذي ضفر الأسلوبين تضفي ًرا ظاه ًرا يبدأ‬         ‫وكأن الدوائر التي تتحدث عنها الراوية تتساوى‬
‫بالظاهر المادي‪ ،‬ثم يعقبه باللغة التي لا يصلح معها‬     ‫مع الدوائر الدلالية‪ .‬أما وضوح الرمز السردي فهو‬

                                     ‫إلا التأويل‪.‬‬         ‫يتجلى في المجموعة بشكل لافت يمكن أن تجعل‬
                                                      ‫عنوان النص رم ًزا سرد ًّيا‪ ،‬ليس غام ًضا مثل عنوان‬
   ‫المنظور السردي والسرد المحايد‬
                                                       ‫«رهان ملاك من أجل كمثرى»‪ ،‬وإنما بوضوح تام‬
    ‫الأسلوب الأكثر ظهو ًرا في النصوص القصصية‬          ‫مثل «علبة قطيفة»‪« ،‬أشواك باسمة»‪ ،‬لأن المدى الذي‬
  ‫العربية هو أسلوب السرد المحايد‪ ،‬وغالبًا ما يلجأ‬     ‫تتركه الرموز وبخاصة إذا ظهرت في العتبة الأولى‬

      ‫إليه الراوي في حالة حاجته إلى فكرة التفسير‬       ‫ممثلة في العنوان‪ ،‬فإن النص يتحول إلى درجة من‬
  ‫المقبول للاشياء من جهة‪ ،‬أو لإشباع رغبة باطنية‬         ‫درجات التفسير التأويلي للحكاية‪ ،‬وأنا في الحقيقة‬
 ‫في إظهار نوع من الجمال المادي أحيا ًنا‪ ،‬والمسكوت‬
                                                                                      ‫أحب الطريقتين‪:‬‬
     ‫عنه أحيا ًنا‪ ،‬ومن هنا تأتي فكرة الحياد‪ ،‬والتي‬    ‫الأولى‪ :‬تلك التي تتبدى في الغموض الذي تبحث فيه‬
  ‫معناها في أبسط تعريف‪ ،‬وهو وجود لغة وصفية‬
                                                                                           ‫عن تأويل‪.‬‬
                              ‫محايدة بطريقتين‪:‬‬            ‫الثانية‪ :‬تلك التي تتبدى في الموضوع‪ .‬حيث تجد‬
   ‫الطريقة الأولى‪ :‬خلوها من الأفعال الحكائية التي‬        ‫نفسك خلف الرمز السردي ومعه بشكل مباشر‪.‬‬
                                                         ‫وهنا تلجأ الراوية إلى تكييف الحالة في النص مع‬
                 ‫تنتمي إلى أداة من أدوات السرد‪.‬‬           ‫درجة اقتراب الرمز السردي من دلالته أو بعده‬
‫الثانية‪ :‬الدلالة العامة التي تعطي صورة كلية للحالة‬      ‫عن هذه الدلالة‪ .‬أو تدرج الدلالة قر ًبا وبع ًدا في آن‬
                                                       ‫واحد‪ ،‬هذا التدرج نجده في عدد من النصوص‪ ،‬بل‬
      ‫السردية‪ ،‬وغالبًا ما تكون هذه الصورة ثابتة‪،‬‬        ‫هو سمة بنائية من سمات الحكاية في السرد‪ ،‬مثل‬
 ‫بمعنى أن السرد لا يقوم بتطوير الفكرة‪ ،‬أو الفعل‬         ‫نص «علبة قطيفة»‪ ،‬كل الدلالات تفضي في النهاية‬
 ‫إذا وجد‪ ،‬أو مجرد الوصف لتقديم الإطار السردي‬           ‫إلى الرمز الذي لم يذكر سوى مرة واحدة في نهاية‬
                                                          ‫الحكاية‪ ،‬ولأن الراوية اعتمدت على أسلوبين من‬
                                     ‫عن الحالة‪.‬‬
    ‫وسوف أنقل هنا ن ًّصا بعنوان (أشواك باسمة)‬                                     ‫أساليب السرد وهما‪:‬‬
    ‫لنوضح ملامح المصطلح الذي أتحدث عنه وهو‬                          ‫الأول‪ :‬السرد الوصفي المادي للرمز‪.‬‬

                                ‫(السرد المحايد)‪:‬‬
‫«وجد الماء فألفت الصحبة وبل نعمت بدفء الفروع‬
   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96