Page 95 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 95
تنسج الكاتبة حيال تلك الثنائيات
طبيعة الهوية النسوية
المتشظية :التي تريد ترك العنان
لرغباتها ،ولكن تحجمها «ذاتها»
وتعطلها قبل أن يمارس
المجتمع ضغوطه عليها ،وهو
ما يمكن تسميته بـ»الهوية
الآخرية» .فالمرأة هي الذات
والآخر في الوقت نفسه ،هي
(الذات) وعدو تلك (الذات)
سيمون دو بوفوار
تواز ًنا؟! فيفاجأ بعدها بتلك الساذجة السعيدة الثمار» ،دون مقابل ،بل وعلى عكس المنح الطارد
بتعلمها دروس القهوة وكيفية عملها بـ»وش»، من الجنة كما هو في الموروث ،فإن هذا المنح طويل
لضمان رضا عريسها «اللي مش بتاع قهاوي». الأمد والأثر ،يقول السارد «بالطبع تكفيني واحدة
وهنا يتبين كيل ذلك المجتمع بمكيالين؛ فكيف يق ّدر عن الخلود دونها» .فيتبيّن احتياج الرجل إلى المرأة
ذلك العريس «اللي مش بتاع قهاوي» قيمة زوجته والعكس ،وتفضيله إياها عن الخلود وهو أي ًضا على
المستقبلية من خلال مفهوم «القهوة» .ومن ثم عكس الموروث .فتعمد الكاتبة عبر هذا «الدستور»
يتبدى التناقض الواضح بين يوتوبيا المجتمع الم ّدعي
فهمه لهوية المرأة وواقعه الذي لا يسهل تغييره. إلى تحطيم ثنائية «هيمنة الرجل وضعف المرأة»،
على الرغم من فكاهية موقف تقديم القهوة بدون وإنشاء واقع جديد بقيم جديدة وعلاقات تعتمد
«وش» ،وغضب العريس عندما يقول« :أنا مش
هاشربها من غير وش ،اختاري بقى لوحدك قاعة التوازن والاعتدال.
الفرح وابقي كلميني» ،إلا أن القارئ يقف على تقوم الكاتبة بتعرية المجتمع عبر تسليط الضوء على
التمثيل المجتمعي للهوية النسوية .فيبدأ هذا بفرض ازدواجية توجهاته ،كما في قصة «فنجان سداسي
أطر وظيفية وأدوار اجتماعية بعينها على المرأة
تجعلها تدور داخلها وتظهر في شكل أقداح القهوة، الأبعاد» .فعبر إيقاع خفيف الظل وعبر توظيف
التي تتدرب عليها الـ»محتاسة» والحذاء «أبو لغة بسيطة قد ترقى أحيا ًنا في الحوار إلى العامية.
أدوار» .ولكن الأشد أيلا ًما هو فقدان المرأة لفهم وهنا أقول «ترقى»؛ إذ إن الكاتبة توظف تلك اللغة
ذاتها؛ فـ»محتاسة» لا تقاوم الأطر المفروضة عليها،
بل كان الاستسلام ِسمتها .وعليه ،يبدو عند تناول الدارجة لتسليط الضوء على خطاب المرأة الذي
النص الأدبي للهوية النسوية ،بأنه لا ينقل مجرد يشمل لغتها الخاصة وتعبيراتها الفريدة عن الحزن
حالة فردية في المجتمع ،وإنما َيع ُبر ذلك الجسر إلى والفرح .تمنح الكاتبة شخوص القصة أسماء ذات
أفق الجماعية ،لتكون الشخصية في النص تلخي ًصا دلالات سلبية مثل الشقيقتين (محتاسة -مفترية).
وهنا ترصد الكاتبة نظرة المجتمع إلى المرأة وهي:
إما أن تكون الفتاة البسيطة الساذجة «صاحبة
الابتسامة البلهاء» ،أو تلك «المفترية الشريرة».
وهنا يتساءل القارئ :ألا توجد حالة وسطية أكثر