Page 92 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 92

‫العـدد ‪23‬‬    ‫‪90‬‬

                                                      ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                                           ‫بين‪:‬‬       ‫رغم البعد والاختلافات‪ ،‬لم تكن فقط الأكثر خصا ًل‬
                    ‫‪ -‬المنظور الثابت‪ -‬كما سلف‪.‬‬             ‫بل والأكثر صب ًرا‪ ،‬لذلك كانت الأقدر دائ ًما على‬
               ‫‪ -‬المنظور الحي‪ -‬نصوص متعددة‪.‬‬                                                 ‫احتوائهم‪.‬‬
      ‫‪ -‬المنظور مزدوج الرؤية‪ -‬نصوص متعددة‪.‬‬
 ‫وفكرة المنظور ليست مرادفة لفكرة «وجهة النظر»‬         ‫ومع أول خريف تساقطت معظم الأوراق‪ ،‬رغم ذلك‬
   ‫في المصطلح السردي المعاصر‪ ،‬أو لفكرة «البؤرة‬            ‫لم يبهت لونها ولم يقل صبرها‪ ،‬بل اشتد العود‬
  ‫السردية» أو بؤرة الدلالة‪ ،‬لأن الأخيرة تعتمد على‬                                               ‫أكثر‪.‬‬
 ‫وجود الذوات‪ ،‬أو ترتبط بهم‪ ،‬أما الأولى –المنظور‪-‬‬                     ‫حاولت جاهدة تخليص من حولها‪.‬‬
      ‫فهو يتكون من التفكير الجمالي الذي ينشأ في‬
    ‫الرؤية المصاحية للنص‪ ،‬ولذلك يمكن أن نرصد‬          ‫سننت أشواكها ‪-‬التي تنبت سري ًعا وسط زهورها‪-‬‬
          ‫عد ًدا من المنظورات في النصوص ومنها‪:‬‬         ‫فنزفت بلس ًما‪ ،‬حاولت أن تروي نفسها‪ ،‬ومحيطها‬
                                                          ‫كي لا تبقى وحيدة‪ ،‬لكن الجذور الممتدة البعيدة‬
                             ‫‪ -‬المنظور الفلسفي‪.‬‬         ‫آخر ما تبقى فيها مع آخر فرع ما زال متماس ًكا‪،‬‬
                              ‫‪ -‬المنظور الجمالي‪.‬‬        ‫والباقي من فروع أصبحت أكثر بع ًدا واصفرا ًرا»‪.‬‬
                              ‫‪ -‬المنظور الفكري‪.‬‬          ‫هذا الحياد اللغوي لم يقدم سوى صورة واحدة‬
                              ‫‪ -‬المنظور الرمزي‪.‬‬            ‫لفكرة النماء مجسدة في الماء والجذر والفروع‬
                               ‫‪ -‬المنظور المحايد‪.‬‬     ‫والمصاحبات الجمالية التي يمكن أن تنتمي للرموز‪،‬‬
   ‫وهي مكملة أو مفسرة للمنظورات السابقة‪ ،‬ومع‬              ‫وقد تجلى هذا الحياد في عدة آثار سردية يمكن‬
   ‫إضافة الدلالة المعرفية‪ ،‬أو الموضوعية للمصطلح‬                               ‫حصرها‪ ،‬بعضها كالآتي‪:‬‬
  ‫تتغير وجهة النظر في الحكاية –إن وجدت‪ -‬أقصد‬                                     ‫‪ -‬لا حركة في السرد‪.‬‬
 ‫وجهة نظر النص‪ ،‬وليست وجهة النظر النابعة من‬                                                ‫‪ -‬لا ذوات‪.‬‬
                                                                        ‫‪ -‬لا تطور في التفكير السردي‪.‬‬
                                  ‫وجود الذوات‪.‬‬                   ‫‪ -‬لا أفعال يمكن أن تصنع بقية الحالة‪.‬‬
   ‫ومن الأفكار اللافتة في النصوص‪ ،‬فكرة العزف‪،‬‬          ‫الراوية قدمت منظو ًرا ثابتًا للفكرة‪ ،‬والتي يمكن أن‬
   ‫وهي فكرة يمكن أن تكون فكرة رمزية‪ ،‬أو فكرة‬                                      ‫تؤول بأكثر من فعل‪:‬‬
    ‫واقعية استخدمها السرد استخدا ًما رمز ًّيا‪ ،‬وفي‬              ‫‪ -‬التأويل الجمالي‪ ،‬وهو ظاهر في السرد‪.‬‬
    ‫الحالتين‪ ،‬فهي متلازمة سردية تحيل إلى منطق‬                    ‫‪ -‬التأويل الفلسفي‪ ،‬ويمكن البحث عنه‪.‬‬
  ‫في تفكير الذوات في النصوص‪ ،‬وهي طريقة تكمل‬                           ‫‪ -‬التأويل اللغوي‪ ،‬متعدد الأوجه‪.‬‬
    ‫دائرة المنظور‪ ،‬فنرى أحيا ًنا المنظور الباطني‪ ،‬أو‬      ‫اللافت أن المجموعة احتوت على هذا النوع من‬
  ‫الرمزي الذي يتلازم مع مصطلح السرد المحايد –‬          ‫السرد المحايد‪ ،‬والذي يأتي أحيا ًنا مستق ًّل في نص‬
‫كما في نص متوالية منطقية‪ -‬أو يتضفر هذا المنظور‬            ‫سردي كامل‪ ،‬وأحيا ًنا يأتي مصاحبًا للنصوص‬
 ‫مع الرمز السردي في النص نفسه‪ ،‬مع الفكرة التي‬           ‫التي تحمل التقكير السردي الحركي‪ ،‬مع الأدوات‬
                                                      ‫والأفعال والتأويلات‪ ،‬وغير ذلك عن عناصر السرد‬
                              ‫يستخدمها السرد‪:‬‬             ‫المختلفة‪ ،‬ويمكن الإشارة إلى عدد من النصوص‬
   ‫«رغبة مني في تجميل الموقف ‪-‬بعد أن عزف كل‬              ‫التي يزاوج فيها السرد بين الأسلوبين‪ ،‬الحيادي‬
   ‫منها على أوتاري بطريقته الفريدة‪ -‬وقبل سفري‬         ‫والمنتمي‪ :‬أنغام الوحدة‪ ،‬انتحار مؤجل‪ ،‬عائلة زيزي‬
‫بيوم واحد قمت بدعوتهما م ًعا على حفل وداع‪ .‬قمت‬                                              ‫العصرية‪.‬‬
   ‫بالعزف بنفسي ولآخر مرة على أصابع ما زالت‬                 ‫واللافت أي ًضا أن فكرة المنظور‪ ،‬والتي تتجلى‬
  ‫محتفظة بلوني التطرف‪ ،‬الصفاء والحيادية‪ ،‬وهي‬           ‫بصورة واضحة في كل النصوص‪ ،‬هي التي تتقنع‬
                                                       ‫ببلاغة الحكاية‪ ،‬أو لنقل بلاغة السرد‪ ،‬لأن الحكاية‬
                     ‫ألوان مناسبة لزي الراهبة»‪.‬‬
‫وبقية السرد يحتوي على رموز سردية كثيرة منها‪:‬‬          ‫لا تتجلى بنفس تجلي المنظور السردي‪ ،‬والذي يتنوع‬

                   ‫‪ -‬الذات‪ /‬المرأة فنانة تشكيلية‪.‬‬
   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97