Page 268 - Nn
P. 268

‫العـدد ‪35‬‬                          ‫‪266‬‬

                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫تاريخه ولا فنانيه الكبار! يظهر‬     ‫أصحاب المستويات الفنية العالية‬         ‫لمرحلة «دبلوم الخط العربي»‪،‬‬
   ‫هذا بشكل واضح في معارض‬               ‫عن التدريس في تلك المدارس‪،‬‬           ‫و‪ 300‬جنيها لمرحلة «دبلوم‬
‫الخط العربي التي أصبحت خاوية‬                                              ‫التخصص في الخط والتذهيب»‪.‬‬
   ‫على عرروشها‪ ،‬والتدهور الذي‬         ‫بدأت مدارس الخطوط في مصر‬          ‫ولم تكتف الوزارة بذلك‪ ،‬بل قامت‬
  ‫حدث في خطوط الكتابة‪ ،‬وغياب‬            ‫تدخل نف ًقا مظل ًما‪ ،‬وهو الأمر‬     ‫في الوقت نفسه بتخفيض أجر‬
 ‫الجمال عن التصميمات والأعمال‬                                             ‫المعلم بمدارس الخطوط ليصبح‬
   ‫التي تعتمد على الخط‪ .‬فبعد أن‬        ‫الذي انعكس على أوضاع الخط‬              ‫خمسة جنيهات فقط مقابل‬
  ‫كان الخط العربي حاض ًرا بقوة‬      ‫العربي في مصر ككل؛ فقد أصبح‬              ‫تدريس الحصة الواحدة‪ ،‬مع‬
  ‫في حياتنا في كراسات الدراسة‪،‬‬
‫وعلى الأوراق النقدية‪ ،‬وفي لافتات‬        ‫المواطن المصري فاق ًدا للذائقة‬             ‫خصم الضرائب منه!‬
  ‫البنوك والمؤسسات والشركات‪،‬‬        ‫الفنية‪ ،‬يرى أقبح الخطوط ويظنها‬       ‫كان لهذه القرارات مردود سيء‬
  ‫وفي شهادات التخرج والتكريم‪،‬‬        ‫جميلة‪ ،‬وأصبح من الشائع اليوم‬
‫وفي شارات الأفلام والمسلسلات‪،‬‬                                              ‫للغاية على العملية التعليمية في‬
 ‫وأغلفة الكتب والمجلات ومختلف‬           ‫أن نرى مساجد ضخمة‪ ،‬أُنفق‬         ‫مدارس الخطوط‪ ،‬فعدد كبير من‬
                                       ‫على إنشائها ملايين الجنيهات‪،‬‬
      ‫المطبوعات‪ ،‬ومواد التصميم‬         ‫مزينة بكتابات خطية رديئة أو‬         ‫الطلاب تخلى عن فكرة دراسة‬
  ‫والدعاية والإعلان‪ ..‬إلخ‪ ،‬أصبح‬       ‫مصممة على الكمبيوتر! أو نرى‬        ‫الخط بسبب ارتفاع المصروفات‪،‬‬
  ‫الخط الحسن اليوم ُعملة نادرة‪.‬‬        ‫لوحات رديئة الشكل معلقة في‬
‫وهكذا انتقلت ريادة الخط العربي‬       ‫قلب المؤسسات الرسمية دون أن‬           ‫بل إن بعضهم كان طالبًا بتلك‬
   ‫من مصر إلى دول أخرى تعمل‬           ‫يلاحظ أحد مدى تدني مستواها‬         ‫المدارس بالفعل وقرر عدم إكمال‬
                                    ‫الفني؛ وأصبحت اللافتات وأسماء‬
      ‫على دعم هذا الفن الشريف‬           ‫المؤسسات الكبرى اليوم كلها‬           ‫دراسته لنفس السبب‪ .‬كذلك‬
      ‫بمدارس الخطوط المتطورة‪،‬‬       ‫مصممة بخطوط الحاسوب الجافة‬            ‫تسببت هذه القرارات في فقدان‬
      ‫وجلب أفضل أساتذة الخط‬           ‫والمكررة والخالية من أي روح‪.‬‬        ‫مدارس الخطوط لعدد كبير من‬
 ‫للتدريس فيها‪ ،‬وإقامة المسابقات‬         ‫لقد أصبح فنانو الخط العربي‬
   ‫ذات الجوائز الكبيرة كمسابقة‬          ‫في مصر يعيشون هذا الواقع‬             ‫أفضل معلميها بسبب الأجر‬
       ‫«إرسيكا»‪ ،‬و»بنك البركة»‪،‬‬         ‫المؤلم يوميًّا‪ .‬يكافحون بشكل‬        ‫الزهيد الذي اعتمدته الوزارة‬
‫و»ال ُبردة»‪ ،‬و»السفير»‪ ،‬والمعارض‬     ‫فردي دفا ًعا عن فن شريف يمثل‬           ‫نظير التدريس بتلك المدارس‪،‬‬
‫الدولية مثل «بينالي الشارقة للخط‬      ‫أحد أرقى الفنون العربية‪ ،‬بينما‬     ‫والذي ينفق معلم الخط أكثر منه‬
‫العربي»‪ ،‬و»ملتقى الكويت للفنون‬      ‫جمهور هذا الفن لا يعلم شيئًا عن‬         ‫على تنقلاته من وإلى المدرسة‪.‬‬
   ‫الإسلامية»‪ ..‬إلخ‪ .‬بينما اكتفت‬                                         ‫ومع هروب المواهب من مدارس‬
    ‫وزارة الثقافة برعاية «ملتقى‬                                         ‫الخطوط‪ ،‬وعزوف معظم الأساتذة‬
    ‫القاهرة لفنون الخط العربي»‬
 ‫على استحياء‪ ،‬ودون وجود دعم‬         ‫الحمد لله رب العالمين‬
   ‫حقيقي ُيذكر‪ .‬وفي ظل التجاهل‬
  ‫المستمر لاستغاثات فناني الخط‬
   ‫العربي المطالبة بإنقاذ هذا الفن‬
   ‫من الاندثار‪ ،‬وانقاذنا نحن من‬
    ‫القبح الذي أصبحنا نعلقه في‬
    ‫لافتات وننشره في كل مكان‪.‬‬
  ‫أصبح السؤال الراهن الآن‪ :‬من‬
     ‫ُينقذ الخط العربي في مصر؟‬
   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273