Page 273 - Nn
P. 273

‫‪271‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫سيرة‬

 ‫شيئا عنها‪ .‬اسمها نصوص كثيرة‬             ‫لمارون عبود‪ .‬تمنيت أياما وليالي‬     ‫ربه‪ .‬رب صابر كان هو ربي‪ .‬كثي ًرا‬
   ‫في حد ذاته‪ .‬راقني أن أباها كان‬      ‫أن يكون اسمي مارون عبود لكي‬               ‫ما شعرت أن رب من اسمعهم‬
                                       ‫يكون ذلك المشهد جز ًءا من تاريخ‬           ‫يتحدثون لا يشبه ربي أنا‪ .‬كان‬
‫رجل دين كبير‪ .‬طوال شبابي الأول‬
   ‫كنت أبحث باستمرار عن ملتقى‬                                 ‫حياتي‪.‬‬          ‫ربي مبتس ًما يسمع الموسيقى التي‬
  ‫طرق النساء الجميلات والشعور‬             ‫بعدها أذكر أنني رأيت مجلدات‬         ‫خلقها جميلة ج ًّدا‪ .‬رحي ًما أكثر من‬
   ‫الديني‪ .‬التدين الذي يبعدني عن‬       ‫العقاد وطه حسين‪ .‬كان المشهد في‬         ‫كونه شديد العقاب‪ .‬يحب العجائز‬
                                      ‫مدرستي الثانوية وكان جمي ًل ج ًّدا‪.‬‬    ‫والجميلات وييسر الأمور لأبي كل‬
 ‫الجميلات كان فيه خلل واضح لم‬          ‫كان ذلك المنظر إغرا ًء كبي ًرا تجاوز‬     ‫صباح وهو يدعوه على مسامعي‬
   ‫يكن عقلي «الثانوي» (من مرحلة‬          ‫ولعي المحدود بالرياضيات التي‬
   ‫الثانوية أقصد) يستطيع شرحه‬           ‫درستها كرها وح ّصلت باكالوريا‬            ‫الخارجة بلطافة من النوم‪« :‬يااا‬
                                          ‫محترمة في الرياضيات قبل أن‬                       ‫ربي لعمال عليك!»‪.‬‬
                       ‫وتبريره‪.‬‬         ‫أوجه دفتي صوب الأدب العربي‬
  ‫كثي ًرا ما تذكرت برعشتي نفسها‬       ‫واللغات‪ .‬أذكر أن أبي كرهني كر ًها‬          ‫أذكر أنني كنت دائ ًما أتمنى لو‬
                                         ‫شدي ًدا بسبب ذلك‪ .‬كان يتمناني‬         ‫أدخل أدمغة الناس فأراجع صور‬
       ‫خوفي من طبقات الحشائش‬              ‫طبيبًا أو مهند ًسا‪ ،‬أما أنا فكنت‬
     ‫في صيف البادية‪ .‬كانت تخفي‬        ‫أهندس الكلمات والجمل‪ ،‬ولا أومن‬             ‫الله عندهم‪ .‬هل يشبه إلههم الله‬
      ‫الثعابين‪ ،‬وكنت أراها تتحرك‬       ‫بشيء كإيماني بأن الكلمات شفاء‬          ‫الذي في دماغي‪ .‬أول مرة تساءلت‬
   ‫فأتذكر شيئًا كانت تنسيني إياه‬                                               ‫حول ذلك كنت بين الثالثة عشرة‬
                                                              ‫للقلوب‪.‬‬
          ‫حياتي في المدينة‪ :‬الموت‪.‬‬      ‫أذكر ولعي بفريدا من فريق آبا‪..‬‬           ‫والخامسة عشرة حينما تصبح‬
  ‫قريبًا منه كان يسكن خوفي الذي‬         ‫تمنيتها لنفسي في الحلال مطو ًل‪.‬‬        ‫هنالك جبهتان واضحتان‪ ،‬واحدة‬
  ‫أذكره جي ًدا من الرمل الذي كثي ًرا‬    ‫كان الجميع يحب الشقراء آنييتا‪،‬‬
   ‫ما يأوي العقارب في تبسة حيث‬            ‫وكنت أنا مول ًعا بها خلية خلية‪،‬‬         ‫فيها الله‪ /‬الإيمان‪ /‬الطهارة‪/‬‬
‫قضيت طفولتي‪ .‬مستغر ًبا كنت لأن‬                                                   ‫الصلاة‪ /‬الأم‪ /‬الصلاح‪ /‬العلم‬
  ‫الموت السينمائي ليس فيه ثعابين‬          ‫ولكنني لسبب يعرفه الله الذي‬             ‫الوطني‪ /‬النجاح في الدراسة‪/‬‬
                                            ‫في دماغي وسيغموند فرويد‬            ‫أدعية الخير‪ /‬رضوان الوالدين‪/‬‬
    ‫ولا عقارب‪ .‬في الأفلام‪ :‬الميتون‬          ‫والراسخون في العلم بغرابة‬         ‫الكتب الدينية في المكتبات الدينية‪/‬‬
   ‫يموتون في الحرب أو دفا ًعا عن‬            ‫البواعث الإنسانية فضلت أن‬        ‫الأسرة التعليمية‪ /‬الإمام‪ ..‬والثانية‬
   ‫الحق وتبكيهم الجميلات‪ .‬الموت‬
‫أجمل بين ذراعي غريس كيلي‪ /‬آفا‬          ‫أوجه ولعي لفريدا‪ ،‬صاحبة الشعر‬               ‫مأهولة بالاستمناء‪ /‬البنات‪/‬‬
  ‫غاردنر‪ /‬جولي كريستي‪ .‬أو أمام‬              ‫الأسود والعيون الرقيقة (في‬       ‫السهر‪ /‬شرب القهوة س ًّرا‪ /‬التفوه‬
                                                ‫زوجتي شبه بعيد بها)‪.‬‬          ‫بكلمات نابية‪ /‬التفرج على الصور‬
                ‫عيونهن اللامعة‪.‬‬
    ‫أذكر خداع العواصم لي‪ ،‬اتفقت‬         ‫كنت أشتاق للنوم كي أحلم؟ كنت‬               ‫الإباحية في المجلات النادرة‪/‬‬
‫جميعها على خداعي؛ فقد كانت تبدو‬           ‫أحلم أكثر مما يجب‪ .‬وأستغرق‬           ‫الذهاب إلى قبو العمارة والجلوس‬
    ‫جميلة ج ًّدا على أطلس العواصم‬              ‫‪-‬مستيق ًظا‪ -‬في أحلامي‪.‬‬        ‫هنالك مع الأصدقاء‪ /‬الكذب في كل‬
  ‫العالمية‪ ،‬كانت الصور البانورامية‬                                           ‫شيء بسبب وبلا سبب‪ /‬الكلام عن‬
 ‫لتلك العواصم توضح مد ًنا جميلة‪،‬‬       ‫تفرق دم الجزء الأهم من أحلامي‬            ‫المعاشرة‪ /‬حسنة بنت الجيران‪/‬‬
  ‫ثم اتضح فيها لاح ًقا كم كبير من‬         ‫بين قبائل الممثلات‪ :‬ليلى علوي‪.‬‬      ‫أفلام هوليوود‪ /‬الأغاني‪ /‬حضور‬
  ‫المظالم‪ ،‬من الجياع‪ ،‬من مساجين‬                                                 ‫الأعراس والرقص‪ /‬كرة القدم‪/‬‬
                                       ‫إلهام شاهين‪ .‬آثار الحكيم‪ .‬مديحة‬         ‫الكلام عن حجم العضو الذي كنا‬
      ‫الرأي ومن الأحياء الفقيرة‪..‬‬                   ‫كامل‪ .‬سحر رامي‪.‬‬          ‫نتمناه كبي ًرا بحيث يصعب نقله من‬
     ‫أذكر أن الألذ من الذكريات لم‬
 ‫يكن صناعتها‪ .‬غالبًا ما يكون ذلك‬           ‫ثم أذكر وصولي ذات يوم إلى‬                          ‫مكان إلى مكان‪..‬‬
  ‫مقر ًفا في حينه‪ .‬الألذ هي ذكريات‬       ‫القدس؛ ملتقى ديانات العاشقين‬                           ‫أذكر كل ذلك‪.‬‬
                                         ‫داخلي‪ :‬إيمان الطوخي‪ .‬لن اقول‬
                      ‫الذكريات‪.‬‬                                              ‫أول مرة رأيت فيها الأعمال الكاملة‬
                                                                                ‫لكاتب ما كانت المجلدات الكاملة‬
   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278