Page 276 - Nn
P. 276

‫العـدد ‪35‬‬                            ‫‪274‬‬

                                      ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫باك ًرا فقال لي قدور شقيقي‪« :‬كل‬      ‫الشؤون الجادة الجدية في حياتي‪.‬‬       ‫الهامة بسبب ضمور صدرها‪ .‬قلت‬
  ‫واحد سينتهي إلى الذكريات التي‬                                             ‫هذا رجل مغفل‪ .‬ولكنني قلت‪ :‬ربما‬
                                                ‫***‬
                     ‫يستأهلها»‪.‬‬                                                ‫أكون أنا على خطأ ويكون كبير‬
 ‫أذكر أنني كثي ًرا ما عددت الأشياء‬      ‫أذكر هواجسي الفكرية في المرحلة‬        ‫الطفولة والمخرج المغفل على حق‪.‬‬
  ‫كلها عادية‪ .‬لم أكن أنتبه إلى نقاط‬       ‫الجامعية‪ :‬كيف نتوقع أن يكون‬         ‫ربما‪ .‬أداة الظن بامتياز‪ .‬وأنهيت‬
                                                                              ‫الأمر على ما أذكر بصيغة العقاد‬
     ‫التفتيش المألوفة التي يضعها‬      ‫التاريخ النسائي للعوالم التي درجنا‬     ‫التي كررتها مئات المرات‪ :‬إذا كان‬
‫الناس بين العادي والغريب وشديد‬         ‫على كونها عوالم رجالية بلا تدخل‬      ‫بعض الظن إثما فإن البعض الآخر‬
                                                          ‫كبير للمرأة؟‬
                        ‫الغرابة‪.‬‬          ‫سمعت شهرزاد بصوت فيروز‬                                 ‫ليس بإثم!‬
   ‫أذكر أنني بدأت أهتم بالذكريات‬       ‫فتحيزت لها تما ًما وكلية‪ .‬في المطلق‬      ‫أذكر حرجي من السؤال حول‬
 ‫باك ًرا فقال لي الشيخ عمار بحري‪:‬‬        ‫شهرزاد متواطئة مع الشر‪ ..‬هي‬            ‫قصائد الحب التي كنت أكتبها‬
‫«عليك أن تفرق بين ذكريات حياتك‬        ‫تتلاعب به ولكنها تقف (تجلس) في‬          ‫سنوات طويلة بعد زواجي وكان‬
                                                                            ‫بعضها جمي ًل وملتهبًا وخار ًجا من‬
      ‫وذكريات أحلامك‪ .‬الأولى لك‬       ‫صفه‪ .‬ككل امرأة هي حاملة للأخبار‬         ‫صف الشعر المعتاد‪ ،‬فكان يحاط‬
                 ‫والثانية عليك»‪.‬‬         ‫وبالتالي للمعرفة التي سيستولي‬      ‫بالسؤال الخبيث‪ :‬لا تقل لي إن هذه‬
                                                ‫عليها شهريار بعد حين‪.‬‬       ‫قد كتبت في زوجتك العتيقة‪ .‬فكنت‬
     ‫لا أذكر متى فهمت ذلك جي ًدا‪.‬‬                                            ‫أقول متهر ًبا مما أتوقعه من سوء‬
   ‫ذاكرتي تعاني من ثقوب كثيرة‪.‬‬        ‫أمي هي الصيغة المهترئة لشهرزاد‪:‬‬        ‫الفهم وعسر هضم الإجابة‪ :‬نعم‪/‬‬
  ‫أذكر أنني لم أعد أذكر جي ًدا فيما‬      ‫تقبع داخل البيت وأبي (الصيغة‬
‫كنت أفكر بالضبط حينما كتبت هذه‬           ‫البائسة لشهريار) يأوي إليها في‬                          ‫لا‪ /‬ربما‪..‬‬
                                        ‫أخر اليوم ولا يسمع منها خب ًرا‪..‬‬         ‫أذكر أن السائل كان يضحك‬
                       ‫الأسطر‪:‬‬          ‫الأخبار تقبع خارج البيت‪ ..‬هنالك‬      ‫بالخبث نفسه الذي هو كامن فيه‪،‬‬
               ‫‪ ‬الإنسان العادي»‬                     ‫مغالطة في الحكاية‪.‬‬       ‫وكأنه فهم‪ /‬أو لم يفهم‪ /‬أو ربما‬
                                          ‫أذكر هاجسي الآخر وأنا أتأمل‬       ‫يرفض أن يفهم لأن الفهم يجرحنا‬
                 ‫نتظاهر بالحياة‬           ‫وضع رجال قبيلتي مقار ًنا إياه‬
               ‫نلعب أدوا ًرا كثيرة‬      ‫بوضع نسائها‪ :‬هل شهريار أكثر‬                                 ‫كثي ًرا‪..‬‬
      ‫نقول كلا ًما مبرم ًجا لنا قوله‬          ‫معرفة بالعالم أم شهرزاد؟‬      ‫أذكر أن الفكاهة والسخرية وروح‬
          ‫نخاف انكشاف حقائقنا‬
   ‫نخشى ظهور ذلك الإنسان الفظ‬          ‫يبدو لي فيما أذكر أنني كنت أعتقد‬          ‫الدعابة قد رتبت لي كثي ًرا من‬
                                      ‫الخوض في العالم‬
                   ‫الغليظ أحيا ًنا‬    ‫أفضل من تعليفه‬
       ‫ذلك العاشق الحنون أحيا ًنا‬
     ‫ذلك الأب الصادق في عواطفه‬             ‫بالحكايات‪..‬‬
  ‫ذلك الصديق المعني دائ ًما بمصير‬         ‫وسينتهي بي‬
      ‫أصدقائه والمكترث لما يصيب‬       ‫الأمر إلى الروايات‬

                       ‫أصدقائه‬             ‫والحكايات‪،‬‬
  ‫وننسحب شيئًا فشيئًا من أنفسنا‬         ‫لأصير حكواتيًّا‬
                                       ‫(الصيغة المذكرة‬
             ‫بحثا عن «الائتلاف»‬         ‫غير المغرية من‬
   ‫وينكمش حظنا من حياتنا شيئًا‬
‫فشيئًا إلى درجة أننا نصبح لا نقول‬           ‫شهرزاد)‪.‬‬
                                        ‫أذكر أنني بدأت‬
         ‫شيئًا سوى‪ :‬كيف الحال؟‬          ‫أهتم بالذكريات‬
   ‫لكي نتلقى الإجابة الاعتيادية‪ :‬لا‬

                ‫بأس‪ ..‬الحمد لله‪.‬‬
                 ‫الإنسان العادي‬

                       ‫نورمال‪..‬‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281