Page 274 - Nn
P. 274

‫العـدد ‪35‬‬                                    ‫‪272‬‬

                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫روايات كثيرة تظل مليئة بالأخطاء‬       ‫الأخيرة هي البضاعة الأكثر ندرة‬       ‫أذكر أنني كنت حزينًا وواضح‬
   ‫التي نصححها ولكنها لا تختفي‬                             ‫في الحياة‪..‬‬            ‫الرؤية كما هي حالي منذ‬
    ‫وهنالك روايات تغزو الهوامش‬
                                       ‫أذكر خوفي على ضياع كل شيء‪.‬‬             ‫الخامسة والعشرين‪ .‬عامذاك‬
‫وتتعدى الحدود‪ ..‬وأخرى صفحاتها‬             ‫هشاشة الزمن ‪-‬أذكر‪ -‬كانت‬          ‫قرأت شوبنهاور‪ ،‬بدأت العمل في‬
                ‫مكررة أو مقلوبة‬
                                       ‫ترعبني‪ ،‬وفي ظل الحسرة الكبيرة‬         ‫الصحافة والتدريس‪ ،‬تزوج ْت‬
      ‫رواياتنا هي استعادات وفية‬           ‫لانفلات الزمن من بين أصابع‬       ‫حبيبتي برجل خا ٍل من كل تميّز‪،‬‬
               ‫لطريقتنا في الحياة‬          ‫حياتنا الهشة‪ ..‬وأمام ضعف‬      ‫ووعيت بأن كل ما كتبته من شعر‬
                                                                           ‫قبل ذاك كان سخي ًفا ج ًّدا‪ .‬عامها‬
  ‫فهنالك روايات بنهايات مبتسرة‪،‬‬       ‫ذاكرتي الذي أصبح يعقدني‪ ،‬تظل‬
        ‫وأخرى عابسة لوجه الله‪..‬‬      ‫تجاعيدي دفت ًرا فصي ًحا يؤرخ لمرور‬       ‫أتممت قراءة العقاد وفولتير‪،‬‬
                                                                             ‫وصرت حزينا ومبتس ًما‪ .‬كان‬
‫ثمة روايات سريعة تعاني الولادات‬             ‫الزمن على الوجه والخافية‪..‬‬
 ‫القيصرية‪ ..‬تلك هي الروايات التي‬          ‫أذكر أنني قد كتبت هذا الكلام‬          ‫حزني مفتّ ًحا عينيه فكتبت‪:‬‬
   ‫تخطئ في التواريخ وتغير أسماء‬          ‫وشعرت بالبهجة‪ .‬ثم في المساء‬           ‫أذكر أنه كان لانفلات الزمن‬
                                          ‫قرأت لكاتبي المفضل «ألدوس‬         ‫مذاق مؤلم ج ًّدا‪ ..‬فنجتهد دائ ًما‬
                        ‫الأبطال‪.‬‬         ‫هكسلي»‪ :‬ذكرياتنا هي مكتباتنا‬    ‫لاسترجاع علامات الزمن الماضي‪..‬‬
 ‫روايات كثيرة عبرتها مليئة برهاب‬       ‫الشخصية‪ .‬قلت إنه قال كل شيء‬           ‫ونهتز عند التحديق في صورة‬
                                                                          ‫قديمة لنا‪ ..‬ونشتاق إلى الأصدقاء‬
  ‫القارئ والبارانويا والتوجس من‬                       ‫في أربع كلمات‪.‬‬       ‫القدامى لأنهم الكتاب العموميون‬
                          ‫الآخر‬       ‫أذكر أنني كنت أخرج من الروايات‬       ‫الخصوصيون لتاريخنا الدفين‪..‬‬
                                                                          ‫أذكر أنني تأملت الأصدقاء وحبي‬
    ‫رواياتنا هي نحن؛ فنحن نترك‬           ‫متأم ًل إياها وكنت حينها أعود‬      ‫المخجل لهم‪ .‬أذكر أنني عددتهم‬
               ‫التراب لنطأ الورق‬     ‫فأدخلها من زوايا أخرى‪ .‬أذكر أنني‬         ‫دو ًما أكثر شيء ضرور ًّيا في‬
                                                                              ‫الحياة‪ ..‬لأنهم مدونو أفراحنا‬
  ‫لذا نجد فيها أحلا ًما مؤجلة كثيرة‬    ‫ساعتها كنت أرى أشياء غريبة لا‬       ‫الهشة التي نخشى ألا نستعيدها‬
   ‫ونفضل الروايات الأجنبية لأنها‬            ‫أحد يراها (أو هكذا بدا لي)‪:‬‬     ‫أب ًدا‪ ،‬بعدما علمتنا الأيام أن هذه‬
       ‫تمنينا بفيزا تكفل لنا العيش‬                    ‫رواياتنا تشبهنا‬
                        ‫الأفضل‬
                                      ‫لا عجب في أن نجد روايات بائسة‬
 ‫أذكر تلك الروايات التي تفوح منها‬                      ‫يائسة سياسيًّا‬
    ‫روائح النفاق والكذب والمداهنة‬
    ‫والإدعاء‪ ..‬فنكرهها دون معرفة‬                                         ‫فريق آبا‬
                     ‫سبب لذلك‪.‬‬

 ‫أذكر كذلك روايات كثيرة تكرر ما‬
‫قد قيل‪ ،‬فنتركها ونمضي كما نفعل‬

     ‫مع الثرثارين و»الكعرارات»‪..‬‬
‫كثير من رواياتنا يلعب دور المرايا‪..‬‬

   ‫ينبش القبور المحملة بالأسرار‪..‬‬
‫نعدها كواسر للطابو ونقرؤها س ًّرا‪.‬‬

      ‫بعض الروايات يشبه الأعياد‬
‫الوطنية نفرح بها دون يقين الفرح‪.‬‬
‫روايات كثيرة تبدو ككلمات الأطفال‬

         ‫البريئة نحبها بلا ماكياج‪.‬‬
  ‫ولكن كثي ًرا من الروايات يتلاعب‬
    ‫بنا‪ ،‬يضحك على ذقوننا‪ ،‬يتخذنا‬
   ‫هز ًؤا‪ ..‬لذا نواجهها بكره شديد‪..‬‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279