Page 275 - Nn
P. 275

‫‪273‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫سيرة‬

                                                                            ‫أذكر كل تلك الأطياف الروائية‪.‬‬

                                                                            ‫أذكر كل ذلك‪ ،‬أذكر كذلك أن‬

                                                                            ‫بعض الروايات جرني إلى التأمل‬

                                                                            ‫في الكلمات والحروف‪ .‬حروف‬

                                                                            ‫الروايات كانت تحدثني بفصاحة‬

                                                                            ‫كبيرة‪ .‬أذكر أني حسبت نفسي‬

                                                                            ‫مجنو ًنا قبل أن‪ ..‬قبل أن أكتشف‬
                                                                            ‫رفيقي في دروب الغرابة تلك‪ :‬محي‬

                                                                            ‫الدين بن عربي‪ .‬أذكر أنني تلذذت‬

                                                                              ‫اعلم وفقنا‬  ‫اكلثّلي ًراوإبياقوك أل انبالنحعرروبيف‪:‬‬
                                                                            ‫أمة من الأمم‬

                                                                            ‫مخاطبون ومكلفون‪ ،‬وفيهم رسل‬

                                                                            ‫من جنسهم ولهم أسماء من حيث‬

                                                                            ‫هم ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف‬

                                                                            ‫من طريقنا‪ ،‬وعالم الحروف أفصح‬

‫مارون عبود‬  ‫إيمان الطوخي‬                                ‫ألدوس هكسلي‬         ‫العالم لسا ًنا وأوضحه بيا ًنا وهم‬
                                                                            ‫على أقسام كأقسام العال‏م المعروف‬
                                       ‫إلى وجهي في المرآة متأم ًل الحادثة‬   ‫في العرف‪ ..‬أذكر أنني قد شعرت‬
  ‫«بطلة جامعية» في رياضة الكرة‬            ‫الجديدة عليَّ تما ًما ذات يوم من‬  ‫بأنه كان يتوجه إل َّي بذلك الكلام‪.‬‬
‫الطائرة) وقالت‪« :‬مسكينة‪ ..‬نحيفة‬          ‫عامي الثامن والعشرين‪ :‬مراهقة‬
‫ج ًّدا‪ .‬الروح ليس لديها اللحم الكافي‬                                        ‫ليلتها أذكر أنني استيقظت من‬
                                       ‫جميلة نظر ُت إليها بعيني المشتهية‬
   ‫لتعلق بها‪ .»..‬ضحكت وقلت لها‬        ‫التي لا شفاء لها‪ ،‬فقالت‪ :‬كم الساعة‬    ‫النوم بهذا المقطع على شفتي‪:‬‬
‫على طريقة المثل الجزائري الشهير‪:‬‬      ‫يا عمي؟ ما الجديد الذي خ ّول لي أن‬
                                                                                                 ‫القل ُب‬
                ‫البركة في القليل‪.‬‬       ‫أصبح ع ًّما؟ (لم أنتظر الهدف من‬     ‫ُح ّمى تصي ُب الموت في الخافيه‬
  ‫لم أكن منتب ًها لوسيلة كيف هي‪:‬‬                ‫تلك الزاوية من المرمى)‪.‬‬
    ‫هل سمينة أم نحيفة‪ .‬طويلة أم‬                                                      ‫فيبي ُت الليل يهج ُس‬
‫قصيرة‪ .‬كانت وسيلة التي أغرمت‬          ‫أذكر أنني عشت مع المرأة على أنها‬        ‫بصبا ٍح على الخير والعافي ْه‬
                                        ‫مفهوم فقط‪ .‬أشكل صورة حولها‬          ‫أذكر أنني بدأت أهتم بالذكريات‬
                     ‫بها وكفى‪.‬‬                  ‫تصبح أهم من الحقيقة‪.‬‬
     ‫أذكر إعجابي الشديد بالممثلة‬           ‫عمتي الأحلى والأكبر والأطول‬      ‫باك ًرا فقال لي الشيخ محمد معلمي‪:‬‬
   ‫البريطانية «جولي كريستي»‪ .‬لم‬               ‫لسا ًنا (والتي يقال إنها قد‬   ‫«الذكريات تمنعك من تحقيق نفسك‪،‬‬
‫أكن أعي هل هي طويلة أم قصيرة‬             ‫احتنكتني؛ وبصقت في فمي لكي‬
     ‫ولا كيف هي تفاصيلها‪ .‬أذكر‬                                                            ‫تخلص منها»‪.‬‬
 ‫تما ًما ملاحظة أحد كبار طفولتي‪:‬‬      ‫آخذ من روحها‪ ،‬وحسنًا فعلت لأنها‬
  ‫«صدرها صغير‪ ..‬والله لا تصلح‬            ‫حكاءة ماهرة‪ ،‬ذات روح فكاهية‬        ‫ليلتها أذكر أنني استيقظت من النوم‬
   ‫لشيء»‪ ..‬هل يمكن ألا أكون قد‬            ‫لا يقاومها أحد‪ ،‬وكانت ذكية لا‬
     ‫انتبهت إلى تفاصيل جسمها؟‬                                               ‫بمقطع شعري جميل يتراقص على‬
    ‫لاح ًقا أذكر أنني قرأت أن أحد‬      ‫يفوتها تفصيل من شيء؛ ولو كان‬
      ‫المخرجين قد رفض ترشيح‬              ‫بمقدار مثقال حبة من خردل‪ ،‬في‬       ‫شفتي‪ ،‬ثم نسيته‪ .‬تكرر الأمر كثي ًرا‬
    ‫المنتجين لها لأداء أحد الأدوار‬                                           ‫معي‪ .‬بعدها فهمت أن بين كائنات‬
                                      ‫الأرض أو في السماء) نظرت صوب‬
                                      ‫زوجتي «النحيفة» (التي كانت أي ًضا‬     ‫الليل وكائنات النهار الخفية عداوة‬

                                                                            ‫كبيرة تعلمت أن أحرس حصاد‬

                                                                            ‫النهار من كائنات الليل‪ ،‬وأن أحرس‬

                                                                            ‫حصاد الليل من كائنات النهار‪..‬‬

                                                                                          ‫كان اسم ذلك‪ :‬الكتابة‪.‬‬
                                                                            ‫أذكر أنني قضيت يو ًما كام ًل أنظر‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280