Page 127 - m
P. 127

‫‪125‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة في اليمن‬

  ‫بها‪ ،‬ولكن كلما زاد تكور بطن أمي زاد حقد زوج‬              ‫رفض زوج فاطمة‬
                                         ‫فاطمة‪.‬‬          ‫الفكرة‪ ،‬صرخ‪ :‬كيف‬
                                                        ‫تحبل الحرمة العجوز؟!‬
‫كانت أمي تحملني في بطنها وتذهب لجيران فاطمة‪،‬‬            ‫وكيف لخباز أن يكون أكثر‬
   ‫تلصق أذنها في الجدار تتمنى أن تسمع حسيس‬           ‫فحولة مني أنا التاجر الأربعيني؟!‬
   ‫خطوات فاطمة‪ ..‬ضحكتها‪ ..‬صوتها‪ ،‬تبكي وهي‬            ‫متى جاءت أمك لزيارتك أيتها الغبية؟‬
                                                          ‫قالت‪ :‬كل يوم تأتي لي‪ ،‬أنا وحيدتها‪.‬‬
‫تمسك الجدار تتوسل له أن يسمعها صوت طفلتها‬              ‫ضحك الزوج وهو يصرخ‪ :‬لقد سرقتني أمك‬
                                        ‫الغائبة‪.‬‬       ‫ياغبية‪ ،‬سرقتني! سرقت جنينك‪ ،‬وتتباهى الآن‬
                                                          ‫أمام القرية أن الخباز العجوز جعلها تحبل‪.‬‬
    ‫ولدت أمي صبيًّا‪ ،‬جئت إلى الدنيا بعار السرقة‪،‬‬        ‫الزوج الغاضب حرم فاطمة أن ترى أمها مرة‬
   ‫وبحنين إلى سماع صوت فاطمة (أمي كما يقول‬              ‫أخرى حتى لا تسرق منها الأطفال من جديد‪،‬‬
                                                        ‫قال يومها وهو يصرخ بعلو صوته في القرية‬
                  ‫زوجها وأختي كما تقول أمي)‪.‬‬         ‫يعلن تبرؤه هو وزوجته من أم زوجته الساحرة‬
      ‫عشت عشرة أعوام لم أ َر فيها فاطمة‪ ،‬ولكنها‬
‫حاضرة في قصص أمي ودموعها‪ ،‬وشوقها الذي لا‬                   ‫وعجوزها الخباز‪ :‬زوجتي لن ترى أمها‬
                                                       ‫الساحرة‪ ،‬لقد سرقت طفلي من بطن ابنتها‬
                                 ‫ينتهي لطفلتها‪.‬‬         ‫لتحشره عنوة في رحمها النجس‪ ،‬وتهديه‬
 ‫مات أبي‪ ،‬وبعدها بأعوام مات زوج فاطمة‪ ،‬يومها‬
  ‫ذهبنا لزيارتها‪ ،‬كانت هذه المرة الأولى التي أراها‪:‬‬                            ‫لزوجها الجديد‪.‬‬
 ‫امرأة ثلاثينية لا تشبه قصص أمي عنها‪ ،‬ليس لها‬             ‫هكذا ُح ِرمت أمي من ابنتها‪ ،‬أمي تبكي‬
                                                       ‫ليل نهار‪ ،‬ترسل الأهل والأقرباء لإقناع‬
    ‫ضفيرتان ولا خدود دائرية‪ ،‬لم تكن نحيفة كما‬        ‫الزوج الغاضب أنها فقط تريد أن تراها‪،‬‬
   ‫قالت أمي‪ ،‬وجدت امرأة تحمل ذات العيون التي‬          ‫لن تتحدث معها‪ ،‬فقط تريد أن تتكحل‬

                                ‫أحملها أنا وأمي‪.‬‬
      ‫ارتمت أمي تحت أقدام فاطمة تلثمها وتبكي‪،‬‬
   ‫وارتمت فاطمة‪ ،‬ونسياني‪ ،‬كنت سعي ًدا وأنا بين‬

                                          ‫أُمين‪.‬‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132