Page 131 - m
P. 131
129 إبداع ومبدعون
القصة في اليمن
الصديقات ليتأكدن من صاحبته ،ترص ًدا لأن بدني ،وأجمل ما جال في خاطري ،تذكري لرواية
يكون هناك مقلب أو ما شابهه ،بعد التحري، (العطر) و َحدس بطلها.
التقيت بهن بعد الظهر في صحن المركز الليبي، شاهدت الكثافة الشعرية المُتكتلة على رؤوس
النساءِ ،كد ُت أم ُقتهنَ ،عدلت عن ذلك بعد رؤيتي
اتسعت أشداقهن وقلن بالصوت الواحد :يريدون لطفلة في السابعة تقريبًا ،ملامحها بريئة ،ترتدي
ِمنك إخبارهم عن نوعية الشامبو الذي كنت باروكة ُنحاسية اللون ،دققت النظرُ ،جلت بعيني
تستخدمينه! َمليَّاَ ،شعر َجفنيها ،حاجبيها ،وفراغ كبير في
بدأ وهج الأمل َيقل ،أمام المرآة وجدتني أُشبه ُمقدمة رأسها غائب عنه الشعر تما ًما ،ترا َج َعت
الرجال كثي ًرا في َقصتي ،لا يهمَ ،حدثت نفسي للوراء قلي ًل ،ربما َخافت ،أ َخذت بيدها على َعجل،
يسا ًرا! وأنا أنعطف امرأة كانت ُمهرول ًة نحوها ،أدركت بفعل النظر،
في أصدقاء لِعدة أ َشرت الافتراضي، بفضل عالمنا وهو المصدر الرئيسي لمعلوماتي حول الوقائع،
أنها أمها ،بفعل الاحتضان الذي أعقب اللهفة ،وأن
منشور فيس بوكي عن رغبتي في بيع ما لد َّي من البنت مصابة بمرض السرطان المُبكر نتيجة لخلو
شعر ،ولأنني لم أُشكل كلمة َشعر َف ِهمها البعض
على أنها ِشعر ،صديق واحد من ألمانيا دخل إلى جسمها من الشعر تما ًما!
هدهدت نفسي بعد ذهاب البنت ،التي كانت
الخاصَ ،حدثني عن محلات حيث يسكن ُمختصة تتمتع بجما ٍل أخاذ رغم عدم ما لي بأنها ليست
بما نشرته ،أخذ رقمي ،ولم ينتج عنه للآن ،سوى طبيعية مائة بالمائة ،كان الوضع ك ُغدة أفرزت
ِعدة قطرات من الدمع المخنوق في الحلق ،وفي
بضع رسائل غرامية واهنة .لم يزل دكان «مقبرة لحظة الانصرافُ ،عدت إلى مكاني أمام عازفة
براغ» يتراءى أمامي ُكلما َفكرت بالعرض والطلب. العود المُنسدل شعرها على كتفيها والمُتدلي فوق
فتحة صدرها الكبير ،تعبت من ملاحقة العيون
مواد بلاستكية ُيعاد تدويرها ،روث حيوانات لي وكأنني شاذة ،أبحث عن ُمريد يأخذ بيدي،
ُيخلط بمواد ُمعينة لينتج عنه ِحجار آجر ،كل ويضغط على صدري ليتأكد من اتزاني ،وعدم
شيء في الوجود بإمكاننا َبلورته وإعادة صياغته، ميول جسدي تجاه حائط يكترث بسماع ما يقلنه.
فكر ،دين ،طبيعي ِج ًّدا تفكيري هذا ،على الأقل بعد َبح ٍث وسعي أُشكر عليه ،تلقيت مكالمة من
من وجهة نظري ،لكن الشيء غير الطبيعي ،عدم َمحل كوافير مرموق ،أسعدني الاتصال ،وملأ
جعبتي ِهم ًة وعزيمة ،وزعت َرقمه على بضع
تقبل َمن َحدثته ِبمقترحي وقوله بالحرفُ :يعلق
السياسيون أخطاءهم على زوايا بيت المقدس،
ويتمسك المثقف بحياديته تجاه ما يدور ،وأن ِت
ستظلين تحت رعاية البحث حتى َيرتد َعلي ِك
َشعرك.