Page 145 - m
P. 145

‫نون النسوة ‪1 4 3‬‬

‫بالفقد إثر غياب حبيبها‪ /‬صديقها‪.‬‬

‫لقد اختارت الكاتبة قالب الرسائل ومن داخله حيلة‬
‫التكثيف لتبو َح كأنثى بشك ٍل واض ٍح‪ ،‬دون مواربات‬
‫فنية‪ ،‬بما يؤرقها أو ما لا ُيعجبها في مثيلاتها من‬
‫النساء عن طريق رصد يوميات المطبخ وكيف ينعك ُس‬
‫الحدث اليومي على إحساسها وتذوقها لما تطهو‪ ،‬في‬
                        ‫ُليتغ ٍةش ُكمزلرالك ِخشطةاببِف اخلاجخنادلرنقيد‬
‫الموجه للذات وللمجموع‪.‬‬
‫في الرسائل عبر مكونات‬

‫ُمتعددة‪ ،‬منها عنوان المجموعة‪( :‬ثورة الفانيليا‪..‬‬
 ‫رسائل المطبخ) حي ُث ُيشكل حضور «المطبخ»‬
‫و»الفانيليا» في ال ُعنوان إشارة إلى فضاء السرد‬
‫باعتبار المطبخ هو الحيز المكاني الذي ينبثق منه‬

‫الحدث الرئيس في هذه الرسائل‪ ،‬وهو «الطهي» و‬

‫«كتابة الرسائل» الذي اتكأت عليه الكاتبة كحيلة‬

‫للتداوي النفسي عن طريق رصد العلاقات الجديدة‬

‫التي تنشأ بين مكونات الأطعمة‪ ،‬وكيف ُيمكن‬
‫استغلال ذلك لاكتشاف أسباب الخلل في علاقتها‬

‫بمحبوبها من ناحية‪ ،‬وفي علاقتها بنفسها كامرأة‬
‫من ناحي ٍة أُخرى‪ ،‬كأن الكاتبة ُتري ُد أن ُتعيد تأمل‬
‫مركز المرأة في المُجتمع بردها إلى إحدى الوظائف‬

‫الأساسية التي تؤديها في المنازل (الطهي) كي تتأمل‬

‫إن كانت ممارستها لهذه الوظيفة س ُتخفف من آلامها‬
‫وستجعلها ترى نفسها بوضوح كامرأة‪ ،‬أم ستؤكد‬

‫لها على بؤس حالها وبالتالي ُتسرف في الطعام‬
‫كعر ٍض لاكتئاب سببته التنا ُقضات التي تعيشها ذات‬

                        ‫الساردة‪.‬‬

‫تقول ص‪« :11‬أجد سلواي في التهام الطعام الذي‬

‫يزيد وجهي ملاحة واستداراتي جاذبية‪ ،‬فأنا واحدة‬

‫من هؤلاء النساء اللائي لا يهتممن كثي ًرا للحميات‬
 ‫الغذائية‪ ،‬ولا الحميات العاطفية‪ .‬يبكين كثيرا بين‬

‫الصحون ويتضاحكن في العمل وعلى صفحات‬

‫التواصل الاجتماعي‪ ،‬وتعزو كل منهن الدموع في‬

‫عيونها لغصة الضحكة أو للبصل اللعين»‪.‬‬
‫يتشكل ال ِخطاب ال ِجندري ُهنا من خلال اعترا ٍف‬
‫أنثوي محض بالرغبة في التهام الطعام كوسيلة‬

‫للسلوى والنسيان والتغافل‪ ،‬بل وتزي ُد الساردة من‬
 ‫ِخداع نفسها وتزيين فكرة التهام الطعام في عينها‬

‫باعتباره وقو ًدا لحلاوتها وجاذبيتها‪ ،‬كما أن حضور‬
‫ال ُبعد الاجتماعي الذي تعريه الكاتبة بإشارتها إلى‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150