Page 148 - m
P. 148

‫العـدد ‪55‬‬     ‫‪146‬‬

                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬  ‫فكري عمر‬

  ‫ثورة الفانيليا‪..‬‬
‫رسائل إلى الذات‬

 ‫العربي والعالمي‪ ،‬وصحيح أنه اتخذ مؤخ ًرا وسائط‬        ‫في مساحة صغيرة من الشقة‪ ،‬أربعة وعشرون‬
‫أخرى للتواصل السريع والفوري مثل «الماسنجر»‪،‬‬
                                                       ‫مت ًرا مرب ًعا تقريبًا‪ ،‬تتأمل «هبة الله أحمد» رحلة‬
      ‫و»الواتس آب»‪ ،‬وغيرها على وسائل التواصل‬             ‫حياتها عبر كتابها «ثورة الفانيليا»‪ ،‬تتخذ من‬
     ‫الاجتماعي‪ ،‬غير أن الرسائل المكتوبة‪ ،‬ولو عبر‬        ‫المسافات الضيقة بين أجهزة المطبخ الكهربائية‬
‫شاشة التليفون‪ ،‬أو بأزرار اللاب توب والمُح َتفظ بها‬
 ‫داخل ملفات سرية‪ ،‬لها رائحة الحنين إلى الغائبين‪،‬‬     ‫نقاط انطلاقها خارج الجدران‪ ،‬ومن روائح ال ُبهار‬
      ‫ومحاولة طي الزمن للإمساك بالماضي وتلك‬          ‫ووصفات الطبخ بسا ًطا للسفر إلى مدن الحكايات‬
 ‫اللحظات الخاصة التي تتفلت باستمرار مثل بخار‬        ‫الساحرة‪ ،‬ومن الحبيب الغائب ِعلة للبوح‪ ،‬ومساءلة‬
                                                     ‫الذات في رسائل متوالية عما جرى لها أو لبطلتها‪.‬‬
                ‫خلطة غذائية شهية يتبدد سري ًعا‪.‬‬
                                                            ‫هنا تصبح تقنية الرسائل الأدبية ضرورة‬
        ‫البطل الغائب الحاضر‬                             ‫فنية؛ للتعبير عن دفق عاطفي مختلط بالأفكار‪،‬‬
                                                      ‫والهواجس‪ ،‬والبحث الدائب عن نقطة اتزان تعيد‬
   ‫لدى «هبة الله أحمد» في كتابها‪ ،‬الصادر عن دار‬
‫المثقف عام ‪ ،2021‬بطلين‪ :‬الأول هو كاتبة الرسائل‪،‬‬            ‫للراوية علاقتها القديمة الواضحة بالأشياء‪.‬‬
                                                          ‫هذا أسلوب سردي ُمتجذ ٌر تاريخيًّا في الأدب‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153