Page 152 - m
P. 152

‫تستدعي الكاتبة وجو ًها أخرى‪،‬‬
                                                          ‫تتواصل معها بطلتها الذاتية‬
                                                        ‫عبر نظرياتهم ال ُمفسرة للسلوك‬

                                                               ‫البشري والأحلام مثل أطباء‬
                                                         ‫النفس "كالفن هول" الذي يرى‬
                                                        ‫أن الأحلام عملية تنظيم للمشاعر‬
                                                     ‫وإحداث الاتزان‪ ،‬و"كارل يونج" الذي‬
                                                         ‫يعتبر بعض الأحلام رسائل تنبؤ‬
                                                     ‫بالمستقبل‪ ،‬وكثير منها مظهر من‬
                                                      ‫مظاهر اللاوعي الجمعي‪ .‬كما نقرأ‬
                                                          ‫إشارات عن "بافلوف"‪ ،‬ونظريات‬
                                                          ‫"كوسلين" للتصورات الذهنية‪..‬‬

 ‫الآخر‪ ،‬ليفهمنا مع أننا نعجز أص ًل عن فهم أنفسنا‬      ‫هيئة شجرة‪ ،‬حيث النباتات أصل الحياة‪ ،‬وتنوعها‬
    ‫بعد أن تحولنا التجارب والسنوات إلى أشخاص‬           ‫الهائل كصفات البشر‪ .‬في رسالة عنوانها (كيهك)‬
                                      ‫مختلفين‪.‬‬          ‫ص‪« :34‬برغم كون اليوم إجازة ويكتب الجميع‬
                                                     ‫على صفحات التواصل الاجتماعي «سافر أنت لست‬
                ‫***‬                                    ‫شجرة» إلا أنني أؤمن أننا جمي ًعا في حياة أخرى‬
                                                        ‫كنا نباتات؛ بعضنا سرخسيات تفترش الأرض‪،‬‬
‫وأخي ًرا‪ :‬تشي الفانيليا بحس أنثوي‪ ،‬وتشير ثورتها‬
 ‫في العنوان إلى محاولتها التمرد ولو في المكان الذي‬       ‫والبعض هالوك ينمو على هلاك غيره‪ ،‬والبعض‬
                                                      ‫الآخر أشجار باسقات»‪ .‬وفي ص‪« :92‬يحتمل أنني‬
     ‫حبست به‪ ،‬نقرأ في ص‪« :94‬أجد هنا قبيلة من‬          ‫كنت في حياة أخرى شجرة‪ ،‬كما تحتوي عصافير؛‬
  ‫النساء المحررات المتجردات من كل قيد وسر‪ ،‬كل‬
  ‫منهن تنفث في وعاء الطبخ نكهتها وسرها الدفين‬              ‫تربي بجذعها فأ ًسا هو أدرى الفؤوس بفنية‬
                                                                                          ‫اجتزازها»‪.‬‬
    ‫وأيروسيتها المختبئة خلف العادات والمسموح»‪.‬‬
       ‫عبر مجموعة من الرسائل الذاتية‪ ،‬والتدوين‬              ‫كذلك هناك ميل إلى أنسنة الأِشياء كالساعة‬
                                                      ‫والثلاجة والبوتاجاز والأكواب والأواني؛ لمزيد من‬
    ‫الاستبطاني‪ ،‬واللغة التي تميل للمجاز أكثر مما‬     ‫الألفة‪ ،‬وهر ًبا من الوحدة‪ ،‬وساعات الصمت الطويلة‬
  ‫تميل للتحديد تماهيًا ربما مع ثورة الفانيليا‪ ،‬يبدو‬
                                                                                          ‫في المطبخ‪.‬‬
    ‫الكتاب مغامرة فنية‪ ،‬فيه قدر كبير من التجريب‬           ‫ومن ذلك الحوار الداخلي تتوالد أسئلة كبيرة‪،‬‬
  ‫السردي الذي يربط الرسائل بالتدوين الشخصي‬             ‫ظاهرها المرح أحيا ًنا‪ ،‬وباطنها تعبير عن هواجس‬
                                                           ‫وجودية عصية على التجاهل‪« :‬لما لا نأكل من‬
      ‫اليومي بالحس القصصي؛ في محاولة للتمرد‬
‫والمقاومة بالكلمة‪ ،‬والأغنية‪ ،‬والحلم ولو داخل المكان‬          ‫نحب؟»‪« -‬كيف يتحول الحب إلى مقبرة؟»‪،‬‬
                                                        ‫والتساؤل الأكبر نفسه عن جدوى التواصل مع‬
            ‫الذي ُيعتقد أن الأنثى محبوسة بداخله‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157