Page 151 - m
P. 151
نون النسوة 1 4 9
الوقائع والأخيلة ،أو ذلك التداخل الأسلوبي ما بين
الوصف الحسي والمشهدي وما بين اللغة المرصعة
بالمجازات والصور البلاغية ،فنشعر أننا أمام لغة
سردية ُتخفي أكثر مما تعلن ،لأن الاحتفاء الكبير
بالاستعارات واللغة الشاعرية أحيا ًنا يشي ويومئ
أكثر مما يبوح ويتجاسر.
يلعب الطعام نفسه دو ًرا تبادليًّا مع الأحاسيس،
يصبح السلوى ووسيلة المقاومة لدي كاتبة
الرسائل ضد الخيبات والهزائم الذاتية ،فالكتابة
نفسها لدى النساء كما تقول في النص التالي بكاء
موثق حين يخون الحديث.
تستدعي الكاتبة وجو ًها أخرى ،تتواصل معها
بطلتها الذاتية عبر نظرياتهم المُفسرة للسلوك
البشري والأحلام مثل أطباء النفس «كالفن هول»
الذي يرى أن الأحلام عملية تنظيم للمشاعر
وإحداث الاتزان ،و»كارل يونج» الذي يعتبر بعض
الأحلام رسائل تنبؤ بالمستقبل ،وكثير منها مظهر
من مظاهر اللاوعي الجمعي .كما نقرأ إشارات عن
«بافلوف» ،ونظريات «كوسلين» للتصورات الذهنية،
وأدباء وشعراء وممثلين ومطربين كـ :أمل دنقل،
ماركيز ،رشدي أباظة ،عمر الشريف ،آل باتشينو،
أغاني وردة ،وفيروز ،ومنير ،وعبد الحليم ،ونجاة.
بل إن الكثير من نصوص الرسائل يحتفي بأصوات
الكلمات نفسها ومردودها ،والمصطلحات ،في ص13
نقرأ« :ابتسامتك ونداؤك عليَّ كانا حقيقيين إلى حد
بعيييييييييد ،حتى أنني حينما استيقظت جاوبت
نداءك :خلاص هقوم أهوه» ،في محاولة منها؛ للربط
بين الرسائل والتفاصيل الحياتية الحميمة ،وإضفاء
نوع من الرشاقة على نصوص كثي ًرا ما أغرقت في
السرد الشاعري المجازي ،والإطناب ،والتراكيب
اللغوية ذات الإيقاع المتلاحق.
الاستبطان والتساؤل
قوام الرسائل غالبًا هو الحوار الذاتي الذي تجريه
البطلة مع نفسها ،ذكرياتها ،علاقاتها بالآخرين؛
رغبة في تخطي الهزائم ،ومحاولة البدء من جديد،
ومنها ذلك التجاوز التخيلي للحظة الزمنية التي
تعيش فيها ،والجسد نفسه إلى الرغبة بالوجود في