Page 150 - m
P. 150
العـدد 55 148
يوليو ٢٠٢3
وزخات أمطارها التي تجلد الجدران والأرصفة
والمارة ،ثم أوقات صفائها وعذوبتها ،ومكان العمل
والدراسة ولقاء الآخرين أي ًضا .لكن هذه الدائرة
الكبيرة تظهر كخلفية هامشية للدائرة الأصغر
والأهم ،المطبخ ،الذي منه ترى بطلة الرسائل العالم،
وتعيد تعريف الأشياء بنا ًء على التجارب ،وتتابع
شغفها وهو ينمو أو يضمحل.
ُيقسم الكتاب إلى ستة عناوين رئيسية هي:
(الرسائل ..لماذا؟ -الن َّوات – الكوارانتينا –
فرويديات– متنوع -جنس أدبي ..ضار) يضم كل
منها عد ًدا من الرسائل بعناوين فرعية ما بين ثلاث
رسائل ،وإحدى عشرة رسالة ،لكن العناوين الست
تبدو الأبرز في عنونة المجموعة حيث يمكن قراءة ما
تحويه وتضمه كل منها من رسائل ،وأن العناوين
الفرعية للرسائل هي في كثير منها وسيلة ربط
المطبخ دلاليًّا بالسرد فقط ،والزاوية الصغيرة بتأمل
العالم ،وكان يمكن أحيا ًنا أن نتقبل بعض الرسائل
بلا عناوين .هنا أي ًضا يبدو موضوع الدوائر الأكبر
التي تحوي دوائر أصغر منها (العناوين الرئيسية
والفرعية) ،غير أن المتن والإطار يتنوع في علاقات
الدوائر ببعضها ،فتصبح الكبيرة مجرد خلفية
لونية والصغيرة مرك ًزا ،أو العكس.
الوجه وراء القناع
في كل نص من الرسائل إشارة دلالية إلى أننا
أمام صورتين غير متجانستين لنفس الشخص
أو الشيء ،إحداهما قشرة أو قناع ،والآخر حقيقة
لا نبديها للآخرين خوف الظهور كضعفاء ،أو
كمن لا يستطيعون العيش من دونهم .حتى أننا
نخدع أنفسنا أحيا ًنا بذلك ،في نص (أرز باللبن)
ص« :11بالرغم من كون الرسائل كما قال ريكاردو
بيجليا« :جنس أدبي ضار يتطلب النأي والغياب كي
يزدهر» .إلا أننا في الغياب لا نكتب ،ولكن نحصي
ما في القلب من طعنات؛ لذا تخرج كلماتنا لاذعة
ُمب َّهرة تدمع العين وتسيل الأنف ،فنتهم البصل
بالرغم من براءته ..بالدموع».
بل إن القناع غالبًا ما يكون متداخ ًل بالوجه
الحقيقي ،مثل التداخل السردي في الكتاب ما بين