Page 147 - m
P. 147

‫نون النسوة ‪1 4 5‬‬

‫هيلين هيكسوس‬      ‫محمود طرشونة‬                             ‫في وعاء الطبخ نكهتها وسرها الدفين وأيروسيتها‬
                                                                         ‫المُختبئة خلف العادات والمسموح»‪.‬‬
‫وفي مواجهة ذاتها المهزومة من ناحية أُخرى‪ ،‬في ُلغ ٍة‬
                                                          ‫وفي ص‪ ،103‬تقول‪« :‬تعرفين رعونة الإناث؛ نتبجح‬
 ‫جذابة تلم ُس الروح وتحر ُض العقل‪ .‬تك ُت ُب رسائلها‬     ‫بالخسائر من غير أ ٍف ولا آه‪ ،‬نتبادل أمام المرايا أوجه‬
 ‫مهجوس ًة بعاطفتها وترددها‪ ،‬ومن ثم استطاعت أن‬
                                                            ‫الاستبداد والاستعباد برضا كامل‪ ،‬نخي ُط الساع َة‬
 ‫تستبقي المتلقي لديها من الرسالة الأولى وحتى آخر‬          ‫بالساع ِة‪ ،‬واليوم بالشهر لنصنع رداء يواري سوأة‬
‫رسالة متقنع ًة مرة وكاشفة عن هويتها مرة‪ُ ،‬منحاز ًة‬
‫لكونها «أنثى» تطلب أن تحيا كـ»أنثى»‪ُ ،‬تبح ُر بنا بين‬                                            ‫ال ُعمر»‪.‬‬
 ‫السكوت وال َبوح نحو حبيبها الذي قد غا َب أو غيب ْت ُه‬        ‫ُكل ذلك ُيشير إلى أن المرأة ُمحاطة بالعديد من‬
                                                            ‫الإنشاءات الثقافية والسياقات التقليدية الضاغطة‬
  ‫عم ًدا كي ُتعي َد تأسيس العلاقة بعد إعادة اكتشاف‬           ‫التي تجعلها غير قادرة على تمثيل نفسها‪ ،‬وذلك‬
                                          ‫ذاتها‬            ‫بسبب تعدد ال ُح ُجب وسمك الستائر الإيديولوجية‬
                                                          ‫التي تقف حائ ًل أمام الكاتبة لزعزعة بعض قناعات‬
                                                          ‫المجتمع الذكوري‪ ،‬قناعات غدت مسلمات وبديهيات‬
                                                           ‫مع مرور الوقت‪ ،‬وبذلك فقد وضعت المرأة الكاتبة‬
                                                            ‫بسبب إصرارها في فعل الكتابة‪ ،‬يدها على موضع‬

                                                                                         ‫جرح النساء(‪.)6‬‬
                                                             ‫من ضمن مكونات تشكيل ال ِخطاب الجندري أو‬

                                                               ‫النسوي اختيار ألفاظ ذات مدلولات أنثوية في‬
                                                           ‫ُمعظم الرسائل‪ ،‬أذ ُكر منها مث ًل‪( :‬شجرة‪ ،‬مجنونة‪،‬‬

                                                                                  ‫العنكبوتة‪ ،‬المكنسة‪.).. ،‬‬
                                                             ‫لكنني أستطي ُع أن أقول إن الكا ِتبة لم تقع في فخ‬
                                                           ‫ال ِكتابة النسوية المُبتذلة المنكفئة على رغبات ال َجسد‬
                                                              ‫وحاجاته‪ ،‬بل قدمت تلك الحاجات والرغبات في‬
                                                        ‫إشارات خاطفة‪ ،‬بينما تركت الأولوية لقضايا كالنظرة‬
                                                            ‫المُجتمعية للمرأة وطبيعة دورها ومدى انسحاقها‬
                                                           ‫في مواجهة الخيبات والخيانات والكذب من ناحية‪،‬‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

         ‫‪ -1‬إبراهيم خليل‪ ،‬في ال ِكتابة النسوية العربية‪ ،‬دار ورد للنشر والتوزيع‪ ،‬الأردن‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.3‬‬
‫‪ -2‬ديمة جمعة السمان‪ ،‬مصطلح الأدب النسوي بين الرفض والقبول‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪ 20 ،7254‬مايو‬

                                                                          ‫‪ ،2022‬محور الأدب والفن‪.‬‬
‫‪ -3‬هبة الله أحمد‪ ،‬ثورة الفانيليا‪ ..‬رسائل من المطبخ‪ ،‬دار المُثقف للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2021 ،1‬ص‪.11‬‬
 ‫‪ -4‬عبد النور إدريس‪ ،‬تمفصلات النقد الجندري والخطاب اللغوي الإنساني‪ ،‬الحوار المتمدن‪ ،‬العدد ‪7 ،7537‬‬

                                                                                        ‫يناير ‪.2023‬‬
‫‪ -5‬جوديث بتلر‪ ،‬قلق الجندر‪ ..‬النسوية وتخريب الهوية‪ ،‬ت‪:‬فتحي المسكيني‪ ،‬المركز العربي للأبحاث ودراسة‬

                                                                          ‫السياسات‪ ،‬سلسلة ترجمان‪.‬‬
       ‫‪ -6‬عبد النور إدريس‪ ،‬النقد الجندري‪ :‬تمثلات الجسد الأنثوي في ال ِكتابة النسائية‪ ،‬دار فضاءات للنشر‬

                                                                                       ‫والتوزيع‪ ،‬ط‪.1‬‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152