Page 146 - m
P. 146
العـدد 55 144
يوليو ٢٠٢3
الحب ووعود البقاء. التناقض الذي تحياه المرأة بين شعورها الحقيقي
ثم تعلو ِحدة البوح وال ِخطاب النسوي أكثر في قولها
ص« :14وكإجابة لسؤا ٍل غير منطوق ..قرر ُت ال ِكتابة وبين ما ُتبديه لل ُمجتمع يبلور في الذهن التصورات
إليك كطق ٍس يومي؛ فالكتاب ُة لدينا يا صديقي ..أقصد الراسخة عن المرأة باعتبارها غير قادرة على البوح
بـ»لدينا» نحن معشر النساءُ ،بكا ٌء موثق حينما بأسبابها الحقيقية في ال ُحزن ،ومن ثم تتخفى لتبكي
يخوننا الحديث ،رثاء لسطر نافق في قصيدة شاع ٍر بين الصحون أو تتحجج برائحة البصل سببًا
كاذب يتلوها بكل صد ٍق لحبيباته ..هناك على الصفحة
لدموعها .و ُيشير حديث صاحبة الرسائل «ملاحة
البيضاء أوثق أحلام عان ٍس مثالية». الوجه وجاذبية الاستدارات» إلى الهوية الجندرية
ويكشف هذا ال ِخطاب عن ال ِجندر كبناء ثقافي
-بحسب جوديث بتلر( -)5حيث تبني اللغة التي تتمتع بها كأنثى ،والتي ُتميزها ،ومن ثم فعليها
الحفاظ عليها كملمح طاغ للجسد الأنثوي ،حيث
مقولات الجنس ،كأن تعترف صاحبة
الرسائل بعدم ُقدرة «العانس» على بث تذهب هيلين هيكسوس إلى أبعد مدى لتضع
آلامها وأحلامها إلا فوق الورق، للجسد الأنثوي الإمكانية الأمثل في استمتاع
و ُهنا ُيشدد ال ِخطاب على فكرة
وجود الصراع بين «المرأة» المرأة بوجودها ووعيها وكتابتها .وهذا التوجه
و»الرجل» الذي مثلته الساردة
يقود نحو أهمية الجسد الأنثوي في وجود
بشاع ٍر «كاذب» في إشارة
سوسيوثقافية إلى التناقض وكينونة المرأة ،يجعل خبرة المرأة بجسدها
بين المُعلن والمُضمر في ال ِخطاب
من بين المكونات الموضوعية الوحيدة
الثقافي الذي يتناول المرأة
أو يتحدث إليها أو يتحدث لدى النساء التي تقف في وجه الأنماط
باسمها ،حتى وإن كان ال ِخطاب
الذكورية الرمزية المتغلغلة في الفكر،
خطاب ال ُحب والعشق!
في ص 72تقول« :أحب الفلفل ويتم ذلك في الغالب ،بإعلان المرأة
الأسود بشك ٍل خاص ،أعتقد أنه ُيشبه
بعض النساء الخ ِطرات التي تكمن عن هويتها الجنسية التي تبدأ
ثورتهن خلف مظهرهن الضعيف».
وفي ص 83تقول« :دو ًما أغطية بإعلانها عن جسدها كشكل من
الرأس لا تواري تما ًما الخبيئة تحتها،
الفراولة ُتخفي ال ُجزء الأنصع تحت أشكال الاختلاف الحاد بينها
غطاء رأسها الأخضر ،وتخبئ الناس أفكا ًرا
وثورات وخيالات ناعمة وملعونة تحت رداء والرجل(.)4
الرأس والفضيلة». وانعكا ًسا لقسوة الواقع
ُيشكل ذلك الخطاب نق ًدا ذاتيًّا للمرأة من حيث الخارجي ،صار المطب ُخ ملا ًذا آمنا
سلوكها الظاهري وال َخفي في ُمحاولة لمواجهة لصاحبة الرسائل ومثيلاتها،
الذات ،والتطهر بالاعتراف والإقرار بصفاتها التي
لأنها تحفظ حدوده وتعرف
ترغب في الخلاص منها.
وفي ص 94تقول« :أجد ُهنا قبيلة من النساء طبيعة دورها فيه ،كما أنه
المُحررات المتجردات من ُكل قي ٍد و ِسر ،كل منهن نفث
يستجي ُب لما ُيحر ُض عليه
خيا ُلها ،تقول ص« :34أصبح ُت
أف ِّضل أن أقضي إجازتي ُهنا في
مطبخي ،الذي أعرف حدوده وأثق من
محبة أشيائه ،شأني في ذلك شأن نسا ٍء
كثيرا ٍت يثقن في َعطايا ال ُفرن الطازجة،
ورائحة القرفة وحبات الحبهان ،أكثر
ال ُحب من ثقتهن فيمن َه َم َس لهن بكلمات
إلى ووعود البقاء» ،وال ِخطاب هنا يردنا
قول سيمون دي بوفوار التي ترى أن
الرجل ُيمارس على المرأة «سطوة عاطفية»
ُتشعرها باضطهاد عميق ،فتفقد ثقتها بكلمات