Page 172 - m
P. 172

‫العـدد ‪55‬‬                             ‫‪170‬‬

                                      ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬                       ‫ولكن هنا ليس في الحقيقة‬
                                                                         ‫تناف ًسا بين النظام الملكي‬
 ‫مدنيون يتغيرون باستمرار‬                   ‫وبينما تستولي الكنيسة‬     ‫والكنيسة‪ ،‬ولكنه تنافس بين‬
    ‫وقد يكون رئيسها الأعلى‬             ‫على المدارس خطوة بخطوة‪،‬‬        ‫سيادتين علمانيتين أحداهما‬
      ‫د َّبا ًغا ساب ًقا أو محاميًّا‬
                    ‫بلي ًغا)‪.‬‬             ‫لتستخدمها كسلاح ضد‬               ‫تحكم‪ ،‬والأخرى فقدت‬
      ‫(إن التطور الاجتماعي‬                  ‫الجمهورية‪ ،‬تنهك هذه‬          ‫قوتها‪ .‬وتقدم لنا روسيا‬
    ‫في فرنسا‪ ،‬قادته سياسة‬                                            ‫مثا ًل صار ًخا آخر على كيفية‬
                                        ‫الأخيرة عبثًا جهود التغلب‬    ‫قيام الكنيسة‪ ،‬على الرغم من‬
  ‫المصالح التي تتبعها الطبقة‬            ‫على المعارضة‪ ،‬والتعافي من‬       ‫اختلاف النموذج‪ ،‬بتقديم‬
  ‫الوسطى إلى درجة أن هذه‬              ‫الأزمات الدورية التي تطغى‬           ‫المساعدة للسلطة العامة‬
 ‫الطبقة تنقسم إلى مجموعات‬
   ‫معزولة‪ ،‬والتي دون أدنى‬                                  ‫عليها‪.‬‬                  ‫للنظام الملكي‪.‬‬
                                             ‫في فرنسا‪ ،‬يقدم دور‬        ‫لهذه الأسباب نفسها‪ ،‬تبدو‬
    ‫شعور بالمسؤولية جعلت‬               ‫الكنيسة‪ ،‬والدور الذي لعبه‬       ‫الكنيسة‪ ،‬التي ُتعتبر جها ًزا‬
  ‫من الحكومة والبرلمان لعبة‬           ‫الجيش‪ ،‬عد ًدا كبي ًرا من نقاط‬     ‫للرأي العام‪ ،‬للوهلة الأولى‬
                                       ‫الشبه‪ .‬فقد كتبنا ما يلي منذ‬     ‫عنص ًرا من عناصر التفكك‬
    ‫لمصالحها الخاصة‪ ،‬وهذا‬                 ‫أكثر من عام في صحيفة‬         ‫في فرنسا الجمهورية‪ ،‬فهي‬
‫التطور من ناحية أخرى جعل‬              ‫العصر الجديد (‪)Neue Zeit‬‬
                                          ‫(‪ )٨‬حول قضية دريفوس‬            ‫معارضة بغريزة المبادئ‬
   ‫الجيش مستق ًّل‪ .‬فبد ًل من‬                ‫(‪ )٩()Dreyfus‬والأزمة‬     ‫الأساسية لتعيين الجمهورية‬
‫أن يكون أداة في يد السلطات‬
                                                     ‫الاشتراكية‪:‬‬         ‫عن طريق انتخاب جميع‬
    ‫العامة‪ ،‬أصبح جماعة لها‬                ‫(لقد تطورت الجمهورية‬            ‫سلطات الدولة وسيادة‬
‫مصالحها الخاصة‪ ،‬ومستعده‬                    ‫الثالثة لدرجة أنها تقدم‬        ‫الشعب‪ .‬حيث عارضت‬
                                         ‫لنا النوع الأكثر كما ًل من‬        ‫الكنيسة مبادئ الطبقة‬
   ‫للدفاع عن امتيازاتها دون‬               ‫حكومة الطبقة الوسطى‪.‬‬       ‫الوسطى(‪ )٧‬للسلطة العلمانية‬
      ‫التفكير في الجمهورية‪،‬‬           ‫لكنها في الوقت نفسه طورت‬       ‫البحتة‪ ،‬مدفوعة بروحانياتها‪،‬‬

  ‫رغ ًما ونكاية بها‪ ،‬وبل حتى‬                ‫تناقضات خاصة بها‪.‬‬               ‫والعلاقات الشخصية‬
                   ‫ضدها)‪.‬‬               ‫يعود أحد هذه التناقضات‬               ‫التي تربطها بالطبقة‬
                                                                      ‫الأرستقراطية‪ ،‬التي تعطيها‬
      ‫(وبعبارة واحدة‪ ،‬يجب‬                     ‫الأساسية إلى وجود‬       ‫طاب ًعا إقطاعيًّا‪ ،‬واستمرارية‬
    ‫استبدال الجيش النظامي‬                  ‫جمهورية تأسست على‬          ‫الماضي الملكي‪ ،‬فتميل بشكل‬
                                      ‫سلطة برلمان الطبقة الوسطى‬        ‫طبيعي إلى أن تكون جها ًزا‬
     ‫بميليشيا‪ .‬وطالما لم يتم‬              ‫وجيش دائم العدة‪ ،‬لازم‬        ‫من أجهزة الدولة للمطالبة‬
  ‫ذلك‪ ،‬فإن التناقض الداخلي‬            ‫لتنفيذ السياسة الاستعمارية‬           ‫باستقلالها السياسي‪،‬‬
                                      ‫والإمبريالية‪ .‬بينما في النظام‬       ‫وتصور نفسها كخصم‬
      ‫سوف يتجلى في أزمات‬               ‫الملكي الجيش قوي‪ ،‬بروحه‬
  ‫دورية‪ ،‬من خلال صراعات‬                     ‫الشبيهة بالطائفة‪ ،‬فهو‬                   ‫للجمهورية‪.‬‬
                                         ‫ببساطة أداة مطيعة في يد‬     ‫إن النضال ضد الإكليروسية‬
   ‫بين الجمهورية وجيشها‪،‬‬               ‫السلطة التنفيذية‪ ،‬فإنه يميل‬    ‫يشبه الخيط الأحمر (مؤشر‬
   ‫صراعات تظهر استقلالية‬               ‫في الجمهورية إلى أن يصبح‬       ‫ترابط)‪ ،‬وهو ما يظهر دائ ًما‬
                                        ‫قوة مستقلة‪ ،‬لا تنضم إليه‬
     ‫تلك المؤسسة وفسادها‬                ‫إلا روابط هشة مع الأجزاء‬        ‫في مسار تاريخ جمهورية‬
    ‫وافتقارها إلى الانضباط‪.‬‬            ‫الأخرى من الدولة التي‪ ،‬في‬       ‫الطبقة الوسطى في فرنسا‪.‬‬
‫قضية ويلسون‪ ،‬فضائح بنما‬                 ‫جمهورية برلمانية‪ ،‬يحكمها‬
 ‫والسكك الحديدية الجنوبية‪،‬‬
     ‫كان لها نظير في قضية‬

                 ‫دريفوس)‪.‬‬
    ‫أدى التشابة بين الوضع‬

        ‫الذي يشغله الجيش‬
  ‫والكنيسة تجاه الجمهورية‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177