Page 10 - m
P. 10
العـدد 56 8
أغسطس ٢٠٢3
كلَّم بني إسرائيل فخافوا وطلبوا من موسى مواب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان
أن يكلمه وحده ،بينما القرآن يقول العكس: قبره إلى هذا اليوم /وكان موسى ابن مئة
«وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى وعشرين سنة حين مات ولم تكل عينه ولا
الله جهر ًة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون” ذهبت نضارته /فبكى بنو إسرائيل موسى
في عربات مواب ثلاثين يو ًما فكملت أيام
(البقرة.)55 :
بكاء مناحة موسى” ،مما يثير الشك في
كيف نزل الإنجيل على عيسى؟ كونها أسفا ًرا إلهية نزلت على موسى! فكيف
ستنزل عليه وقائع موته ودفنه وحزن أتباعه
الأمر بالنسبة لإلهية أو بشرية الإنجيل
أكثر تعقي ًدا ،وأكثر وضو ًحا في الآن ذاته، وبكائهم؟
هذه الإشكالية المعقدة ،الواضحة الغامضة ويبرر موقع الأنبا تكلا( )3هذه المفارقة
الملتبسة تتعلق بكينونة «يسوع» المسيح بالقول« :طبيعي خبر موت موسى كتبه
ذاته كما ذكرت في الفصل السابق ،كونه يشوع بن نون .Joshuaولكنه لم يوضع
بشر ًّيا ولد من عذراء من روح الرب ،أو إلها في أول سفر يشوع بل في آخر الأسفار
يع ُّد أحد تجليات ثلاثة للإله (الآب والابن الخمسة لتتكامل قصة موسى .Moses
والروح القدس) ،كونه نبيًّا حمل رسالة وهو يتفق مع بداية سفر يشوع (وكان بعد
جديدة للبشرية ،أم مصل ًحا يهود ًّيا ب َّشر به موت موسى .)..وبالمثل كذلك ،يكون خبر
التوراة .هذا الاشتباك والتعقد كان ضرور ًّيا موت يشوع النبي كتبه كاتب سفر القضاة
(صموئيل النبي) ،أو يكون أضافها رئيس
أن يمتد إلى كينونة (الإنجيل) وطبيعته، الكهنة في نهاية السفر” .وهذا الرأي الإيماني
فلو أن «يسوع» مخلِّ ًصا يهود ًّيا ما احتاج الذي يبرر التدخل البشري باعتبار أنه
كتا ًبا جدي ًدا لأنه في هذه الحالة سيعمل على محدود ويمكن فهمه ،يقع في فخ أن وجود
إعادة الاعتبار للمفاهيم الأصلية للتوراة دليل على تدخل ما (واحد) ،معتر ٍف به ،حتى
التي (انحرفت) واحتاجت إلى من يصلحها، لو كان محدو ًدا ،يفتح الباب أمام عدم قدسية
وإذا كان إل ًها فالطبيعي ألا ُيرسل رسو ًل إلى الكتاب بالنسبة للمتدينين السابقين ،الذين
نفسه ،لأن ألوهيته تمكنه من فعل أو قول ما عاصروا موسى والذين جاءوا بعدهم ،إذ لو
يريد دون وسيط ،ولو كان نبيًّا لاحتاج إلى كان مق َّد ًسا كتبه الله بنفسه ،ما م َّسه أحد،
رسالة أو كتاب ،وثمة (إجماع) في العقيدة كما أن التبرير لا ينفي أن فرضية التدخلات
مطروحة ،وأنه قد تكون هناك تدخلات أخرى
المسيحية أن
«يسو ًعا» لا نعرفها.
هذا بالطبع غير أن المتدين اليهودي يتقبل
لم ُي ْم َل عليه (ببساطة) أن الله -الرب يظهر لموسى بنفسه
كتاب قام عند النار ،ويجيء إلى شعب بني إسرائيل
بتدوينه ييقرأ عليهم بصوته الوصايا العشر ويسلم
وتركه موسى في يده لوحين حجريين ،ومن الممكن
ج ًّدا أن يتقبل المتدين المسيحي الرواية ،إذ إنه
لأتباعه كما يؤمن أن الله تجسد لهم وعاش بينهم ومات
حدث مع ودفن ،ثم قام بعد ثلاثة أيام ..بينما تختلف
علاقة المتدين المسلم بالله الأعلى الذي لا يراه
موسى من أحد ولا يتكلم معه .فالتوراة تقول إن الرب
قبله ،وكما
حدث مع
محمد من