Page 14 - m
P. 14

‫العـدد ‪56‬‬                                    ‫‪12‬‬

                                                ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

  ‫والأخرى عند سدرة المنتهى‪ ..‬ويضيف أنه‬          ‫‪ ،1‬ص‪ ،)4‬يقول‪“ :‬حدثنا يحيى بن بكير قال‪:‬‬
‫“كان في هيئة إنسان عندما قال له اقرأ فقال‬          ‫حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب‪ ،‬عن‬

                   ‫له النبي ما أنا بقارئ”‪.‬‬        ‫عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها‬
  ‫وبالطبع ليس مفهو ًما التناقض ‪-‬في الجملة‬       ‫قالت‪ ...“ :‬حتى جاءه الحق وهو في غار حراء‬
 ‫نفسها‪ -‬بين أن (جبريل) «كان على صورته‬
 ‫الحقيقية»‪ ،‬و»كان في هيئة إنسان»‪ ،‬دون أن‬          ‫فجاءه الملك‪ ،‬فقال‪ :‬اقرأ‪ .‬قال‪ :‬ما أنا بقارئ‪.‬‬
   ‫ينتبه أحد إلى أن ثمة عوا ًرا‪ ،‬فهل الصورة‬        ‫قال‪ :‬فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد‬
                                                   ‫ثم أرسلني فقال‪ :‬اقرأ‪ .‬قلت‪ :‬ما أنا بقارئ‪.‬‬
      ‫الحقيقية للملك تشبه صورة الإنسان؟‬          ‫فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد‬
   ‫بالتأكيد لا‪ ،‬فقد أورد ُت في الفصل الخاص‬        ‫ثم أرسلني فقال‪ :‬اقرأ‪ .‬فقلت‪ :‬ما أنا بقارئ‪.‬‬
‫بخلق آدم أن الملائكة كانوا يفز ُعون منه‪ ،‬لأن‬        ‫فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال‪:‬‬
  ‫هيئته ‪-‬أي آدم‪ -‬كانت غريبة بالنسبة لهم‪،‬‬         ‫اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من‬
   ‫إذن هل الـ(هاء) في كلمة (صورته) تعود‬            ‫علق اقرأ وربك الأكرم‪ ..‬فرجع بها رسول‬
                                                  ‫الله (ص) يرجف فؤاده فدخل على خديجة‬
     ‫على النبي؟ بمعنى أن (جبريل) نزل على‬           ‫بنت خويلد رضي الله عنها فقال‪ :‬زملوني‬
 ‫صورة النبي؟ لا أي ًضا‪ ،‬لأنه يصف الصورة‬         ‫زملوني‪ ،‬فزملوه حتى ذهب عنه الروع‪ ،‬فقال‬
 ‫بـ”الحقيقية” والمقصود صورة جبريل التي‬              ‫لخديجة وأخبرها الخبر‪ ،‬لقد خشيت على‬
‫لا يعرفها البشر‪ ،‬وأنه رآه على هذه “الصورة‬         ‫نفسي‪ ،‬فقالت خديجة‪ :‬ك َّل والله ما يخزيك‬
 ‫الحقيقية” عند سدرة المنتهى‪ ،‬وليس معقو ًل‬        ‫الله أبدا إنك لتصل الرحم (‪ )...‬فانطلقت به‬
                                                ‫خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد‬
   ‫أن (جبريل) كان على صورة البشر هناك‪.‬‬           ‫بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأً قد‬
        ‫وفي حديث آحر أن جابر بن عبد الله‬          ‫تن َّصر في الجاهلية (‪ ،)...‬ثم لم ينشب ورقة‬
      ‫الأنصاري‪ ،‬قال‪ :‬وهو يح ِّدث عن فترة‬
                                                                    ‫أن توفي وفتر الوحي”‪.‬‬
  ‫الوحي‪ :‬فقال في حديثه (يقصد النبي)‪ :‬بينا‬            ‫هذه الرواية تقول إن (جبريل) نزل على‬
      ‫أنا أمشي إذ سمعت صو ًتا من السماء‪،‬‬              ‫النبي في الغار بنفسه‪ ،‬فرغم أن السيدة‬
                                                   ‫عائشة قدمت للحديث بأن النبي كان يرى‬
‫فرفعت بصري‪ ،‬فإذا الملك الذي جاءني بحراء‬            ‫رؤى صادقة إلا أنها لم تذكر أن (جبريل)‬
    ‫جالس على كرسي بين السماء والأرض‪،‬‬
                                                                       ‫جاء للنبي في رؤية‪،‬‬
 ‫فرعبت منه‪ ،‬فرجعت فقلت‪ :‬زملوني زملوني‬                                  ‫بل يفهم من حديثها‬
 ‫فأنزل الله تعالى‪“ :‬يا أيها المدثر‪ .‬قم فأنذر”‪.‬‬                      ‫أن الرؤى كانت مقدمة‬
                                                                   ‫لمجيء (جبريل) بنفسه‪،‬‬
                                                                       ‫ويقول كثيرون من‬
                                                                   ‫الشارحين ‪-‬منهم د‪.‬عبد‬
                                                                    ‫السلام المجيدي أستاذ‬
                                                                    ‫القراءات وعلوم القرآن‬
                                                                    ‫بجامعة قطر‪ -‬إن النبي‬
                                                                   ‫رأى (جبريل) في هيئته‬
                                                                  ‫الحقيقية التي خلقه الله‬
                                                                    ‫عليها مرتين‪ ،‬إحداهما‬
                                                                   ‫عندما نزل في غار حراء‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19