Page 13 - m
P. 13

‫افتتاحية ‪1 1‬‬

                  ‫يقولان عكس ذلك تما ًما‪.‬‬        ‫هو وجمع من تلاميذه‪ ،‬وجمهور كثير من‬
                                                    ‫الشعب‪ ،‬من جميع اليهودية وأورشليم‬
   ‫كيف نزل القرآن على محمد؟‬                          ‫وساحل صور وصيداء‪ ،‬الذين جاءوا‬

 ‫السردية الإسلامية هي الأكثر وضو ًحا‪ ،‬عن‬          ‫ليسمعوه ويشفوا من أمراضهم” (لو ‪:6‬‬
 ‫السرديتين اليهودية والمسيحية‪ ،‬فيما يتعلق‬         ‫‪ .)17‬وهناك أي ًضا السبعين (أو التلاميذ‬
                                                ‫السبعين ويقال اثنين وسبعين) الذين كان‬
    ‫بمسألة النبوة والبعث والرسالة والكتاب‬       ‫يسوع يرسلهم إلى الأماكن التي كان ينوي‬
‫(القرآن) الذي كتبه الله وأملاه على نبيه‪ ،‬عن‬        ‫زيارتها للتمهيد له‪ ،‬وكان يمليهم بعض‬
                                                   ‫الوصايا التي يجب عليهم فعلها انتظا ًرا‬
  ‫طريق وسيط هو الملك (جبريل)‪ ،‬وأن آيات‬
   ‫القرآن نزلت متتابعة لمدة (‪ )23‬عا ًما حتى‬                 ‫لقدومه‪ ،‬وقد سجلت بعضها‪.‬‬
‫اكتملت الرسالة‪ ،‬والكتاب بالتالي‪ ،‬حين نزلت‬          ‫القرآن يتحدث عن (إنجيل) واحد أنزله‬
‫الآية الأخيرة يوم حجة الوداع‪ ،‬في يوم عرفة‬       ‫الله على نبيه عيسى ابن مريم‪ ،‬إنجيل ليس‬
   ‫المصادف يوم الجمعة في رأي أهل السنة‪،‬‬           ‫له وجود حقيقي كما وضحت من خلال‬
 ‫ونزلت في عيد الغدير في رأي الشيعة‪ ،‬حيث‬             ‫المصادر التي قرأتها‪ ،‬لكن كلام القرآن‬
‫قرأ الرسول «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت‬          ‫يأتي ضمن السردية الإسلامية الخاصة‬
   ‫عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”‬           ‫عن اليهودية والمسيحية‪ ،‬والتي يؤمن بها‬
‫(المائدة‪ ،)3 :‬ويقول ابن كثير في تفسير الآية‪:‬‬  ‫المسلمون‪ ،‬رغم أن منتسبي الديانتين والواقع‬
‫“قال علي بن أبي طلحة‪ ،‬عن ابن عباس قوله‪:‬‬
  ‫(اليوم أكملت لكم دينكم) وهو الإسلام‪،‬‬
 ‫أخبر الله نبيه (ص) والمؤمنين أنه أكمل‬
   ‫لهم الإيمان‪ ،‬فلا يحتاجون إلى زيادة‬
‫أب ًدا‪ ،‬وقد أتمه الله فلا ينقصه أب ًدا‪ ،‬وقد‬
   ‫رضيه الله فلا يسخطه أب ًدا”‪ .‬وقال‬
   ‫إن النبي مات بعد هذا اليوم بواحد‬

                     ‫وثمانين يو ًما‪.‬‬
    ‫نحن ‪-‬إذن‪ -‬أمام سردية ناصعة‬
 ‫واضحة مكتملة‪ ،‬لها بداية‪ ،‬هي تلقي‬
   ‫النبي أول خمس آيات من سورة‬
    ‫القلم في غار حراء في رمضان‪،‬‬
   ‫وتلقيه الآية الأخيرة كما ذكرت‪،‬‬
 ‫لكن ثمة تفاصل في هذه السردية‬
  ‫عن الطريقة التي تلقى بها النبي‬
 ‫آيات الكتاب‪ ،‬من داخل السردية‬
    ‫نفسها‪ .‬فكيف نزل (جبريل)‬
 ‫للنبي في المرة الأولى؟ نحن أمام‬

                     ‫روايتين‪:‬‬
‫الرواية الأولى وردت في حديث‬

   ‫في (صحيح البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫بدء الوحي‪ ،‬باب بدء الوحي‪ ،‬ج‬
   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18