Page 12 - m
P. 12

‫العـدد ‪56‬‬                           ‫‪10‬‬

  ‫يدحضه تما ًما أن الأناجيل تناولت ما حدث‬                   ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬
  ‫للمسيح بعد موته من قيامة بعد ثلاثة أيام‪،‬‬
   ‫إضافة إلى تفاصيل الدفن‪ ..‬إلخ‪ ،‬وبالتأكيد‬      ‫البشارة في العالم أجمع”(‪ .)4‬وفي المقابل‬
‫فإنه (الرب) لم يملي عليه ما (حدث) له (بعد)‬  ‫يصنف العلماء «لوقا» باعتباره مؤ ِّر ًخا‪ ،‬اهتم‬

                                   ‫موته!‬        ‫في (إنجيله) بالجانب التأريخي‪ ،‬ويضعه‬
  ‫الإنجيل إذن كتاب مقدس باعتبار أنه يضم‬      ‫بعض العلماء في مصاف المؤرخين العظام‪،‬‬
                                               ‫بينما يرى آخرون أنه لا يصلح أن يكون‬
     ‫تعاليم السيد المسيح وأقواله وتحركاته‪،‬‬     ‫مؤ ِّر ًخا لأنه د َّون أشياء تخص الشياطين‬
   ‫ويؤرخ لحياته ولرسله الاثني عشر الذين‬
 ‫اختارهم لمرافقته والتتلمذ على يديه‪ :‬سمعان‬       ‫والملائكة مما لا يمكن للإنسان العادي‬
                                                           ‫رؤيتها أو الجزم بوجودها‪.‬‬
        ‫(شمعون) المدعو بطرس‪ ،‬أندراوس‪،‬‬
    ‫يعقوب‪ ،‬يوحنا‪ ،‬فيلبس‪ ،‬برثلماوس‪ ،‬متى‬            ‫فمثلا «لاحظ باحث العهد الجديد لوك‬
   ‫(جابي ضرائب)‪ ،‬توما‪ ،‬يعقوب بن حلفى‪،‬‬       ‫تيموثي جونسون أن روايات لوقا للأحداث‬
     ‫سمعان القانوي‪ ،‬يهوذا تداوس‪ ،‬ويهوذا‬
                                              ‫قد تم اختيارها وتشكيلها بشكل يتناسب‬
                           ‫الاسخريوطي‪.‬‬            ‫مع مصالحه التبريرية‪ ،‬وليس في ذلك‬
 ‫هناك أي ًضا مجموعة أكبر من التلاميذ الذين‬
                                              ‫مواجهة لمعايير التأريخ القديمة‪ ،‬بل اتفاق‬
     ‫تم ذكرهم في (موعظة الجبل) في إنجيل‬         ‫معها(‪ .)5‬مثل هذا الرأي يتفق معه معظم‬
 ‫لوقا‪“ :‬ونزل معهم ووقف في موضع سهل‪،‬‬
                                            ‫المعلقين مثل ريتشارد هيرد الذي يرى أوجه‬
            ‫الكتاب المقدس‬                   ‫القصور التاريخية لدى لوقا على أنها ناجمة‬
                                             ‫عن “الأهداف الخاصة من الكتابة وقصور‬
                                             ‫مصادر المعلومات(‪ .”)6‬في حين «يرى مارك‬

                                                 ‫باول أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت‬
                                                ‫كتابة التاريخ هي نية لوقا من الأساس‪.‬‬

                                                    ‫كتب لوقا ليعلن وليقنع ويفسر‪ ،‬لم‬
                                                   ‫يكتب للحفاظ على السجلات من أجل‬
                                                 ‫الأجيال القادمة‪ .‬ومع إدراك ذلك‪ ،‬كان‬
                                                  ‫هذا بالنسبة للكثيرين المسمار الأخير‬

                                                             ‫في نعش لوقا المؤرخ”(‪.)7‬‬
                                                      ‫الأدلة التي ذكرتها لم تمنع بعض‬
                                                   ‫المتدينين من القول إن الإنجيل إلهي‪،‬‬
                                                      ‫وإنه أوحي إلى المسيح من الرب‪،‬‬
                                                    ‫وتمت تناقل أسفاره جي ًل بعد جيل‬
                                                       ‫حتى تم تدوينه (مع ملاحظة أن‬
                                                      ‫القرآن تم تدوينه بعد وفاة النبي‬

                                                          ‫محمد كذلك‪ ،‬كما سأوضحه‬
                                                     ‫لاح ًقا)‪ ،‬لكن ما يدحض هذا الرأي‬

                                                           ‫تلك الاختلافات الكبيرة بين‬
                                                        ‫الأناجيل‪ ،‬بما يؤكد أن شخ ًصا‬
                                                        ‫واح ًدا لم يكتب (الوحي) كام ًل‬

                                                          ‫مان ًعا باعتباره كلا ًما مقد ًسا‬
                                                           ‫كتبه الله بنفسه وأملاه على‬
                                                         ‫(نبيه) كما يفترضون‪ ،‬لكن ما‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17