Page 134 - m
P. 134

‫العـدد ‪56‬‬                            ‫‪132‬‬

                               ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                          ‫القدر نفسه من الأهمية‪.‬‬
                                                                   ‫يعتقد بعض الباحثين في‬
‫نهاية الألفية (هاندا‪.)2004 ،‬‬    ‫مجرد نتيجة لآليات إدراكية‬            ‫مجال البلاغة البصرية‬
      ‫إن العلاقة الرابطة بين‬     ‫حسية؛ ولكنها أي ًضا نتيجة‬         ‫أن الصور تعمل بفاعلية‬
       ‫السيميائيات البصرية‬
                                     ‫للتكيف الثقافي (روش‪،‬‬            ‫أقل من خلال الإدراك‬
  ‫والبلاغة البصرية واضحة‬         ‫‪ .)1981 ،1975 ،1973‬وقد‬          ‫‪ ،cognition‬وبفاعلية أكثر‬
‫تما ًما حتى يومنا هذا‪ ،‬وتقوم‬                                     ‫من خلال التأثير والعاطفة‬
                                   ‫بيَّن العمل التجريبي عند‬     ‫والتجسيد‪ ،‬فالصورة ُتعالج‬
    ‫الركيزة الرئيسة للبلاغة‬          ‫أبيجل هوسن ‪Abigail‬‬           ‫عبر الشعور قبل أن ُتفهم‬
   ‫البصرية ‪-‬في الواقع‪ -‬على‬                                       ‫على المستوى الإدراكي‪ .‬لقد‬
                                  ‫‪ Housen‬الذي بدأ في عام‬           ‫أصبحت الأهمية النفسية‬
     ‫«القانون» البصري منذ‬       ‫‪( 1993‬هوسن‪ )2002 ،‬أن‬             ‫والاجتماعية لهذا النمط من‬
‫البداية‪ ،‬ويعني هذا أن تفسير‬    ‫التفكير البصري هو الأساس‬        ‫الفهم أكثر وضو ًحا بعد نشر‬
                               ‫المحتمل لعملية تطوير التفكير‬     ‫ثلاثة أعمال مؤثرة‪( :‬الأول)‬
     ‫الصور المرئية ووسمها‬                                       ‫مقال رولان بارت ‪Roland‬‬
  ‫بمعا ٍن ما يختلف باختلاف‬        ‫النقدي‪ ،‬ونقله إلى مهارات‬       ‫‪« Barthes‬بلاغة الصورة»‬
   ‫الفوارق الثقافية (لوتمان‪،‬‬    ‫ومحتوى آخر‪ .‬في حين قال‬            ‫(‪ ،)1964‬و(الثاني) كتاب‬
 ‫‪1991‬؛ أوسبنسكي‪.)2001 ،‬‬          ‫علماء النفس في عشرينيات‬          ‫رودولف أرنهيم ‪Rudolf‬‬
 ‫وحتى هذا النمط من الصور‬        ‫وثلاثينيات القرن العشرين؛‬      ‫‪« Arnheim‬التفكير البصري»‬
                                                                  ‫(‪ ،)1969‬و(الثالث) كتاب‬
     ‫الواقعية التي يستدعيها‬         ‫مثل‪ :‬جان بياجيه ‪Jean‬‬        ‫جوناثان بيرجر ‪Jonathan‬‬
      ‫الناس إلى أذهانهم يتم‬     ‫‪ ،Piaget‬وليف فيجوتسكي‬             ‫‪« Berger‬طرق المشاهدة»‬
   ‫توجيهه من خلال العوامل‬        ‫‪ .Lev Vygotsky‬إن عملية‬          ‫(‪ ،)1972‬وكان أرنهيم هو‬
  ‫والمؤثرات الثقافية (تايلور‪،‬‬   ‫معالجة المعلومات في مرحلة‬          ‫من صك بالفعل مصطلح‬
   ‫‪)1995‬؛ فعلى سبيل المثال‬       ‫ما قبل الكلام لدى الأطفال‬
‫حين تطلب من مجموعة ممن‬                                              ‫«التفكير البصري»‪ .‬لقد‬
  ‫يعيشون في الثقافة الغربية‬       ‫تقوم بالأساس من خلال‬         ‫جادل العلماء الثلاثة بصورة‬
      ‫تصور «مثلث»‪ ،‬فإنهم‬         ‫التصور البصري (بياجيه‪،‬‬        ‫مقنعة أن الصور والنصوص‬
   ‫سيميلون إلى تصور مثلث‬        ‫‪1936 ،1923‬؛ فيجوتسكي‪،‬‬
‫متساوي الأضلاع‪ ،‬وسيكون‬           ‫‪ .)1978 ،1962 ،1931‬وفي‬            ‫المرئية‪ ،‬مثل‪ :‬الرسومات‪،‬‬
  ‫إدراكهم الذهني هذا تمثي ًل‬     ‫أواخر الثمانينيات ووأوائل‬           ‫والأشكال التوضيحية‪،‬‬
 ‫لشكل «المثلث» بصفة عامة؛‬       ‫التسعينيات أدى هذا الزخم‬
  ‫في حين س ُينظر إلى المثلثات‬  ‫في مجال التفكير البصري إلى‬        ‫والصور وغيرها قد عملت‬
     ‫قائمة الزاوية‪ ،‬والمثلثات‬  ‫ظهور السيميائيات البصرية‬        ‫على نقل الكثير من المعلومات‬
      ‫منفرجة الزاوية وحادة‬     ‫‪ visual semiotics‬بوصفها‬
      ‫الزاوية بوصفها أنوا ًعا‬  ‫فر ًعا رئي ًسا من السيميائيات‬       ‫والفروقات الثقافية مثلها‬
‫فرعية‪ .‬ويرجع السبب في هذا‬                                            ‫في ذلك مثل النصوص‬
   ‫إلى أن المفهومين الهندسي‬           ‫العامة [سانت مارتن‬            ‫اللفظية‪ ،‬إن لم يكن أكثر‬
     ‫‪ geometrical‬والجمالي‬          ‫(‪ ،)1990‬سانتايلا براغا‬
   ‫‪ aesthetic‬للمثلث تأسسا‬       ‫(‪ ،)1988‬سيبيوك وأوميكر‬            ‫منها‪ .‬وبعد بضع سنوات‬
      ‫وف ًقا للمفهوم اليوناني‬                                  ‫أشارت الأبحاث التي قدمتها‬
   ‫القديم الذي انتقل إلى علم‬          ‫(‪ ،)1994‬سونيسون‬
  ‫الهندسة والفنون في عصر‬               ‫(‪ ،)1989‬تريفوناس‬              ‫العالمة النفسية إليانور‬
‫النهضة؛ حيث تأسس المفهوم‬         ‫(‪ ،])1996‬ومن خلال مزيد‬         ‫روش ‪ Eleanor Rosch‬إلى‬
 ‫اليوناني من خلال مفهومي‬            ‫من العمل في هذا المجال‬
                                 ‫استطاعت البلاغة البصرية‬           ‫أن الصور الذهنية ليست‬
                                 ‫أن تتطور تدريجيًّا لتصبح‬
                               ‫نس ًقا منهجيًّا مستق ًّل بحلول‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139