Page 88 - m
P. 88

‫العـدد ‪56‬‬                        ‫‪86‬‬

                                                            ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫كريم علي الشريف‬

‫أبو كفة‪ ..‬ق‪.‬ق‬

              ‫كانت داية وحكيمة صحية و»معاها‬        ‫شعرت حنان بضربات متتالية ومؤلمة أسفل بطنها‬
                                   ‫ناس» أي ًضا‪.‬‬      ‫ثم تعرقت‪ ..‬زاد التعرق‪ ..‬شحب وجهها‪ ..‬أطلقت‬
                                                        ‫صرخة ألم وهي تقول‪ :‬أنا ها اولد يا مسعد‪.‬‬
                     ‫دخلت لوزة بعدما تنحنحت‪:‬‬                                         ‫الداية‪ ..‬الداية‬
        ‫‪ -‬ست جملات‪ ..‬ست جملات‪ ..‬أمي بتولد‬                    ‫قالها مسعد وقد انتفض يحشوه القلق‪.‬‬
                                                        ‫راح يهدهد زوجته حنان في جو سرحت عليه‬
               ‫وأبويا غرقان في َوحلة دار البهايم‪.‬‬
                               ‫‪ُ -‬خ ِّشي يا بت‪..‬‬   ‫أهداب الغروب‪ ،‬إلا من لمبة جاز بزجاجة مخروطية‬
                                                     ‫مشروخة بطول جسدها ويكسو رقبتها الهباب‪.‬‬
‫قالتها جملات بأحبال فرطها الزمن تحوطها العتمة‬       ‫بيت من أطواف روث المواشي وال َطفلة والحصى‬
‫من كل اتجاه‪ ،‬إذ كانت ضعيفة النظر ولم يرتد بعد‬                       ‫الدقيق ومعروشة بجريد نخيل‪.‬‬
                                                       ‫انتبهت ابنته الكبري وسرعان ما َر ْمحت لوزة‬
                        ‫أطباء الرمد كليات الطب‪.‬‬      ‫بسنواتها العشر وبجلبابها الذي يكشف مع كل‬
 ‫كانت تجنح للغوص بالضلمة لتقوية بصرها الذي‬          ‫خطوة عن قصبتي رجل دقيقتين‪ ،‬توجهت صوب‬
                                                      ‫آخر بيت في عزبة خورشيد‪ .‬باب خشبي رقيق‬
                         ‫حاصرته غشاوة السن‪.‬‬         ‫الحال مق َّرح بالوسخ و ُندف الزمن السمراء ُت َرقط‬
  ‫‪ -‬إنتي بنت مسعد أبو وزة؟ تعالي يا بنت حنون‪.‬‬                                             ‫جسده‪.‬‬
  ‫كانت تحب أكل حنان وعيشها المخبوز والبساريا‬          ‫دفعت الترباس‪ ،‬بحكم معرفتها بطقوس البيت‪،‬‬
                                                     ‫إذ إنها تعيش بمردفها وقد عانت كثي ًرا من ُس ْئل‬
                                        ‫المقلية‪.‬‬       ‫الناس‪ ..‬الناس اللذين تخلُّوا عنها حينما قضت‬
                             ‫‪َ -‬سنديني يا بنتي‪.‬‬         ‫عائلتها إذ هاجمهم ال ُجذام واح ًدا تلو الآخر‪..‬‬
  ‫وصلا البيت وقد أقلتهما حمارتها‪ .‬شقت صرخة‬           ‫فقررت ألا تخرج لأحد بعدها‪ ،‬من يريدها يطرق‬
                     ‫حنجرة حنان‪ ..‬ولدت حنان‪.‬‬                           ‫الباب ويتنحنح ثم له الأمان‪.‬‬
    ‫َشهقت جملات عندما تحسسته‪ ،‬وفي ضوء لمبة‬
‫الجاز الوانس رأى أبو وزة الطفل‪ ،‬أخذ يلطم رأسه‪،‬‬

                                  ‫ويقول ملتا ًعا‪:‬‬
    ‫‪ -‬يا عارك يا مسعد‪ ،‬ياحزنك يا مسعد‪ ..‬قرد‪..‬‬

                            ‫والدة قرد يا حنان؟‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93