Page 205 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 205

‫‪205‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

      ‫الحب فوق هضبة الهرم‬        ‫فضاءات أخرى‪ ،‬فأتاحت الفرصة‬          ‫وهو ما احتاج إلى تدخل ثلاثة‬
   ‫كان لقاؤهما الثالث في عام‬        ‫للكاميرا لتكون أكثر حرية من‬     ‫وزراء للموافقة علي عرضه بعد‬
‫‪ ،1986‬من خلال فيلم الحب فوق‬                                          ‫حذف واحد من أجرأ المشاهد‬
   ‫هضبة الهرم‪ ،‬وكان عبارة عن‬      ‫خلال اللقطات الواسعة‪ ،‬وبالذات‬
   ‫لوحة رومانسية حزينة عبرت‬         ‫في رؤية الأماكن الطبيعية في‬       ‫في تاريخ السينما المصرية‪.‬‬
                                                                    ‫جلس المشير محمد عبد الحليم‬
     ‫عن أزمة جيل بمنتهي الدقة‬     ‫الريف والصحراء والمعتقل‪ ،‬كما‬
  ‫والبساطة‪ ،‬من خلال قصة على‬       ‫نرى في لقطة عامة واسعة عربة‬        ‫أبو غزالة وزير الدفاع واللواء‬
‫عبد الستار‪ ،‬أحمد زكى‪ ،‬الموظف‬                                           ‫أحمد رشدي وزير الداخلية‬
                                     ‫الترحيلات‪ ،‬أو الكاميرا وهي‬         ‫والدكتور أحمد هيكل وزير‬
     ‫الشاب الحالم الذي يختصر‬     ‫تستعرض جامع ابن طولون حتى‬
  ‫أحلامه في الارتباط من رجاء‪،‬‬     ‫تصل إلى الطالب الثوري ممدوح‬         ‫الثقافة‪ ،‬في سابقة هي الأولى‬
  ‫آثار الحكيم‪ ،‬زميلته في العمل‪،‬‬                                    ‫في مصر‪ ،‬وربما في العالم التي‬
  ‫ولكنه يفشل بسبب ضيق ذات‬          ‫عبد العليم‪ ،‬لتعبر عن مفهوم لا‬   ‫يجتمع فيها ثلاثة وزراء على هذا‬
                                 ‫يحتاج إلى كلمات لتعبر عن افتقاد‬    ‫القدر من الأهمية لتقرير مصير‬
            ‫اليد وأزمة السكن‪.‬‬
    ‫جمع الفيلم الطيب وسعيد‬              ‫الحرية المتسعة بعد ذلك‪.‬‬                           ‫فيلم!‬
‫شيمي مع النجم المنطلق بسرعة‬         ‫يقول مدير التصوير سعيد‬           ‫البريء هو ثاني تعاون بين‬
                                   ‫شيمي‪« :‬كل شيء يتم بتخطيط‬
      ‫الصاروخ إلى آفاق الإبداع‬       ‫مسبق‪ ،‬ولكن أحيا ًنا ما يكون‬         ‫الطيب ووحيد حامد‪ ،‬وهو‬
  ‫السينمائي لأحمد زكي‪ ،‬ولأول‬        ‫للمصادفة دور آخر‪ ،‬في بداية‬       ‫الثاني أي ًضا بين الطيب وأحمد‬
‫مرة مع كاتب السيناريو مصطفي‬         ‫مشهد محاولة هروب السجين‬         ‫زكي‪ ،‬وإن كان ثالث فيلم يجمع‬
   ‫محرم عن رائعة الكاتب الكبير‬   ‫صلاح قابيل من السجن وركوبه‬          ‫الطيب وسعيد شيمي‪ ،‬علاقات‬
  ‫نجيب محفوظ‪ ،‬وفي الفيلم بنى‬      ‫سيارة النفايات من المطبخ‪ ،‬كان‬    ‫متشابكة جمعتهم م ًعا في طريق‬
  ‫المخرج ومدير التصوير بحيث‬       ‫التصوير يتم في الصباح الباكر‪،‬‬     ‫الإبداع السينمائي‪ ،‬الفيلم يحمل‬
   ‫يكون الميزانسين بالكامل في‬    ‫وكانت بداية تشغيل فرن السجن‬          ‫موضوعه ج ًّوا عالميًّا‪ ،‬فهو لا‬
 ‫الشارع‪ ،‬أي يكون الشارع جز ًءا‬    ‫وخروج دخان كثيف من مدخنة‬            ‫يتحدث عن مصر‪ ،‬وإن كانت‬
 ‫أساسيًّا من تقطيع المشهد‪ ،‬وأن‬       ‫المطبخ‪ ،‬يرمي بظلاله الداكنة‬    ‫أجواء الفيلم مصرية‪ ،‬ويتعرض‬
  ‫الكاميرا متحركة محمولة باليد‪،‬‬   ‫على المكان‪ ،‬وكأنه تمهيد درامي‬    ‫لقضية إنسانية وهي قضية قهر‬
    ‫رغم صعوبة ذلك في التحكم‬        ‫للمأساة التي سوف تحدث من‬
  ‫الكامل بالناس والزاوية وحركة‬                                                       ‫الفكر الحر‪.‬‬
  ‫الضوء وشكل الوجوه وغيرها‬              ‫قتل المفكر أثناء هروبه»‪.‬‬   ‫الفيلم من إنتاج ‪ ،1985‬بجرأة‬
                                   ‫لم يكن المشهد متعم ًدا ولكن‬     ‫كبيرة تفضح ديكتاتورية الحكم‪،‬‬
           ‫من مشاكل تكنيكية‪.‬‬     ‫المخرج ومدير التصوير رحبا به‬
     ‫نعود إلى مدير التصوير‬                                           ‫ولهذا تعاملت الرقابة بشراسة‬
‫سعيد شيمي مرة أخرى‪« :‬مشهد‬                          ‫عندما حدث‪.‬‬           ‫مع الفيلم وأفرج عنه بعدما‬
    ‫ممارسة العشق فوق هضبة‬          ‫تألم عاطف الطيب كثي ًرا بعد‬
‫الهرم كان أصعب مشاهد الفيلم‪،‬‬     ‫حذف وتغيير مشهد النهاية‪ ،‬رغم‬        ‫حذفت منه أكثر من ‪ 15‬دقيقة‪،‬‬
                                    ‫الاستقبال الرائع من الجمهور‬       ‫وأشاد النقاد بأداء أحمد زكى‬
                                   ‫والنقاد للفيلم‪ ،‬وما حظي به من‬      ‫في الفيلم وتقمصه لشخصية‬

                                      ‫اهتمام كبير في المهرجانات‬          ‫عسكري الأمن المركزى‪.‬‬
                                     ‫الدولية‪ ،‬وحصل على الجائزة‬       ‫كان الفيلم يختلف كليًّا عما‬
                                   ‫الفضية في مهرجان يونج يانج‬       ‫سبقه من أفلام شاركوا م ًعا في‬
                                 ‫في كوريا الشمالية‪ ،‬وجائزة لجنة‬       ‫انجازها‪ ،‬فالفيلم تدور أحداثه‬
                                 ‫التحكيم للاتحاد الدولي للنقاد في‬      ‫في الريف والصحراء ووراء‬
                                                                    ‫القضبان‪ ،‬ها هي الكاميرا تخرج‬
                                                      ‫فينيسيا‪.‬‬      ‫لأول مرة من زحام القاهرة إلى‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210