Page 210 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 210

‫العـدد ‪١٩‬‬                                ‫‪210‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                         ‫تستغرب حيث يبدو أنه حدث‬
                                                                   ‫متك ِّرر في حياتهما‪ ،‬وفي هذا‬
  ‫وضغوط َم ْن حولها للرجوع‬       ‫المرآة وهي تبكي‪ ،‬ولعله ليس‬
   ‫إلى زوجها‪ ،‬لكنها تقول «لو‬        ‫من المألوف بالنسبة له أن‬          ‫المشهد تواجه نوال عزت‬
    ‫رجعت له يا مدحت حابقى‬                                                  ‫برغبتها في الطلاق‪.‬‬
  ‫مجرمة في حق نفسي»‪ ،‬بعد‬          ‫يزين شعر امرأة وهي تذرف‬
    ‫هذه الجملة الحاسمة يقرع‬       ‫الدموع بغزارة! يقف شكري‬             ‫تحدث المشاهد الأولى‬
                                   ‫في منتصف الصالون على‬              ‫المهمة في حياة نوال خلال‬
     ‫شكري الباب‪ ،‬وتجد نوال‬      ‫ملامحه حيرة وتساؤل‪ ،‬يراقب‬
‫نفسها في مواجهة جديدة معه‪،‬‬                                             ‫نهار واحد‪ ،‬المزاد‪ ،‬زيارة‬
                                            ‫نوال وهي تبتعد‪.‬‬          ‫الطبيبة‪ ،‬لقائها مع أمها التي‬
  ‫ليعيد لها المرآة التي نسيتها‬   ‫في مشهد آخر تمضي فيه‬                ‫تحرضها على الإنجاب‪ ،‬ثم‬
   ‫في صالون التجميل‪ ،‬وتمثِّل‬     ‫نوال نحو البحر عقب طلاقها‪،‬‬        ‫مواجهتها لزوجها‪ ،‬لكن لحظة‬
  ‫عودة المرآة هنا دلالة رمزية‬
‫لا أدري إن كانت مقصودة من‬          ‫يتلوه المشهد الذي تبدأ فيه‬          ‫التحول تحدث حين تقوم‬
‫خان‪ ،‬في أن شكري هو القادم‬            ‫بالتعلم على الآلة الكاتبة‪،‬‬    ‫نوال بنزع صورة الزفاف عن‬
 ‫ليعيد إليها مرآتها التي سترى‬
                                 ‫سعيًا وراء تحررها الكامل في‬          ‫الحائط‪ ،‬وقدوم أمها لتعود‬
          ‫فيها ذاتها الحقيقية‪.‬‬    ‫حصولها على عمل في مكتب‬          ‫وتعلقها مرة أخرى‪ ،‬ثم تصفع‬
  ‫يؤدي أحمد زكي في دور‬                                             ‫نوال بعد أن قالت لها‪« :‬ماما‪..‬‬
                                    ‫محام عجوز‪ ،‬تستعيد نوال‬
    ‫شكري النموذج المعارض‬           ‫ذاتها بعد الانفصال‪ ،‬تعمل‪،‬‬        ‫مش ممكن تحبيني أكتر من‬
   ‫لشخصية عزت أبو الروس‬          ‫وتتح َّسن علاقتها مع والدتها‪،‬‬                     ‫الفلوس؟»‪.‬‬
                                  ‫وتحس بحريتها الغائبة عنها‬
     ‫رجل الأعمال المتعجرف‬                                          ‫المجتمع الذي يحيط بنوال‬
   ‫والقاسي‪ ،‬في مواجهة فنان‬                  ‫منذ وعت الحياة‪.‬‬           ‫مكون من‪ :‬زوجها‪ ،‬وأمها‪،‬‬
                                 ‫في حدث دراماتيكي تموت‬               ‫وصديقاتها‪ ،‬وهؤلاء جمي ًعا‬
       ‫ترك الرسم ويعمل في‬       ‫والدة نوال في صالون التزيين‪،‬‬
  ‫صالون تزيين للنساء‪ ،‬ويهتم‬                                       ‫يتبنون نفس القيم المادية التي‬
   ‫بالتفاصيل الصغيرة التي لا‬         ‫وشكري يص ِّفف شعرها‬            ‫ُتعلي من قيمة المال على أي‬
‫يمكن للآخر أن يراها‪ ،‬بداية من‬      ‫في يوم زفافها‪ ،‬لا يستطيع‬        ‫شيء آخر‪ ..‬تقف نوال ‪-‬وهي‬
‫زيارة نوال وإحضار شيكولاته‬        ‫قلبها تحمل الفرحة‪ ،‬فيتو َّقف‬         ‫الرقيقة الحالمة المتطلعة‬
                                    ‫عن العمل‪ .‬في مشهد مؤثر‬          ‫لعلاقة حب حقيقية‪ -‬وحيدة‬
    ‫لها‪ ،‬ثم تغييره لتسريحتها‬       ‫لاحق يجمع الأبطال الثلاثة‬          ‫على جزيرة منفصلة ليس‬
    ‫وهما في السيارة‪ ،‬مشاهد‬        ‫(عزت ونوال وشكري) يأتي‬           ‫معها أحد‪ ،‬ليس لها من تشكو‬
‫متتالية تبدأ في رصف العلاقة‬        ‫الأخير إلى منزل الأم ليق ِّدم‬    ‫له‪ ،‬وليس لها من يحن عليها‬
    ‫بينهما التي ستطرح شك ًل‬
 ‫مغاي ًرا لكل ما عرفته نوال من‬       ‫واجب العزاء لنوال‪ ،‬هناك‬      ‫ويقدم لها لمسة دافئة من دون‬
   ‫قبل في علاقتها مع الرجل‪.‬‬       ‫يجلس عزت وصديقات نوال‬           ‫سبب‪ ،‬لذا سيكون من الطبيعي‬
   ‫لعل الكلمة الأساسية في‬
   ‫وصف شخصية أحمد زكي‬                ‫يحاولن إصلاح ما أفسده‬             ‫أن تستقبل النموذج الذي‬
                                      ‫طلاق عزت ونوال‪ ،‬لكن‬            ‫يمثِّله شكري (أحمد زكي)‪،‬‬
      ‫(شكري)‪ ،‬في هذا العمل‬                                           ‫بتع ُّطش شديد‪ ،‬لأنه ُيحاكي‬
  ‫تكمن في البساطة والتلقائية‬     ‫شكري يدخل وينقطع الكلام‪.‬‬         ‫ذاتها الداخلية‪ ،‬فالمشهد الأول‬
  ‫الشديدة في الأداء‪ ،‬ليس ثمة‬        ‫ربما للوهلة الأولى يتخيَّل‬        ‫الذي يظهر فيه أحمد زكي‬
‫تكلف مطل ًقا‪ ،‬بل سلوك طبيعي‬                                         ‫هو الذي يلي ليلة الاغتصاب‬
  ‫لشاب بسيط تشكلت علاقته‬           ‫المشاهد أن نوال بعد بقائها‬      ‫التي تتعرض له نوال من قبل‬
                                   ‫وحيدة ستستسلم لضغوط‬             ‫زوجها‪ .‬شكري يص ِّفف شعر‬
    ‫مع الحياة من زاوية الحلم‬    ‫صديقاتها وزوجها الراغب في‬          ‫نوال‪ ،‬وصورتها تنعكس على‬
   ‫المكسور‪ ،‬لكنه لم يستسلم‪،‬‬       ‫عودتها إلى عصمته‪ ،‬لكن هذا‬
                                  ‫لا يحدث‪ ،‬تكتب نوال لأخيها‬
                                ‫مدحت تشكو له من اضطرابها‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215