Page 206 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 206
العـدد ١٩ 206
يوليو ٢٠٢٠ فكرت في تدرج تسلسل الحدث،
بحيث يبدأ من ميدان التحرير في
Cأحمد اللباّ د عاد اليه الوعي والضمير وسيناريو وحوار مصطفي جو غروب ويليه مطلع الهرم أمام
بعد إصابة نجله في حادث محرم مرة أخرى ،من خلال
سيارة ،في خطبته العصماء قصة البطل الهارب منتصر التي فندق مينا هاوس ،بحيث يكون
في نهاية الفيلم« :تفتح وعيي جسدها أحمد زكى ببراعة ،وعبر الهرم سلويت في آخر ضوء
بعد التجربة الناصرية ،آمنت من خلال القصة عن مأساة النهار ،ويتم تصوير المشهد
بها ودافعت عنها ،وفرحت البطل الهارب الذي وقع ضحية على ضوء السيارات للحفاظ
بانتصاراتها ،وتجرعت للمجتمع وفساده ،واقترب على الواقعية ،وتم اختيار هرم
مرارة هزائمها وانكساراتها، الثنائى من واقع المجتمع وسلط خوفو لأن الطريق أمامه يجعل
السيارات -إذا أضاءت نورها
هنت عندما هان كل شيء، الضوء على فساده. العالي -تنير جز ًءا منه ،وجعلت
وسقطت كما سقط الجميع إضاءة تعطي بعض التفاصيل،
في بئر سحيق من اللامبالاة ضد الحكومة لنري أحمد زكي وآثار الحكيم
وبعد أن هرب أحمد زكى في هذه الإضاءة المتقطعة غير
والإحساس بالعجز وقلة
الحيلة». مع عاطف الطيب أو ربما السريعة.
اختطفه عاطف إلى عالمه كان مشه ًدا طوي ًل يتخيل
هذه الجملة تلخص معني الفنى الخاص ،قرر أن يختتم فيه أحمد زكي مع آثار الحكيم
الفيلم وبل تلخص كفاح أمثال مسيرته معه بعمل فنى متميز أنهما هنا في فراغ الصحراء،
عاطف الطيب ،وكل جيله وما يعتبر مسك الختام ،وهو فيلم هنا حجرة سفرة وهنا حجرة
حدث لهم من صدمة وانكسار «ضد الحكومة» عام ،1992 الصالون حتى يصلا إلى كتلة
في السبعينيات ،وما السينما والذي فجر من خلاله زكى حجرية ،ويقول لها وهنا حجرة
موهبته ،فقد جسد قصة محام النوم ،ويبدأ في تقبيلها ،يحيطهما
التي تبناها الطيب إلا نو ًعا فاسد تمرد على فساده وأعلن الظلام ونور السيارات المارة
من التحريض علي التغيير، توبته وقرر أن يقف في وجه حتى يفاجئهم نور قوي لسيارة
حتى أنه كان يقول إني أختار الدولة الفاسدة ،ولا يمكن أن شرطة الـلآداب .فجاء المشهد
أفلامي لتحليل الواقع ،هذا هو ينسى مشهد مرافعة المحكمة بصر ًّيا وواقعيًّا ودراميًّا ،وأنا
الاتجاه الذي اخترته لنفسي. الذي قال فيه كلنا فاسدون ،لا أعتبر هذا المشهد من أجمل ما
أما سعيد شيمي فكان ينظر أستثني أح ًدا ،حتى بالصمت
إلى الضوء في أفلامه على العاجز الموافق قليل الحيلة. صورت في حياتي».
أنه كائن حي ،يلاحظ كيف وفي الفيلم تعود كاميرا
يفرح ،وكيف يحزن ،أو يتألم، سعيد شيمي ليعود مثلث الهروب..
كما يلاحظ نعومته وشحوبه الإبداع الذهبي ليقدم فيل ًما تألق الثنائي الطيب وزكي
واستقامته وحيويته ،وهو يري من أجرأ الأفلام في السينما هذه المرة في فيلم الهروب عام
أنه كما الضوء حدة وظلمة. المصرية بعد فيلمهم البريء. 1991مع مدير تصوير جديد
له ربيع وشتاء ونهار وليل، يقول أحمد زكي محامي هو محسن نصر ،عن قصة
قوة وقسوة ،خفوت وظلال، التعويضات الفاسد الذي
فيسيل في اللقطات مشك ًل
معاني لا حصر لها ،مؤك ًدا أن
الضوء سيبقي بالنسبة له هو
الأهم دائ ًما بجانب كل عناصر
الصورة.
هذه هي السينما التي
عشقناها وهذا هو الفن