Page 211 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 211

‫إذا كان ال ُمشاهد قد تعاطف مع أحمد‬                                ‫ولم يمس التطلع المادي‬
‫زكي في «موعد على العشاء» لتقديمه‬                            ‫روحه‪ ،‬فلا يرضخ للاستسلام‬
‫النموذج الحساس والصادق‪ ،‬فإن دوره‬                            ‫في العمل كرسام مقلد للوحات‬

   ‫في «زوجة رجل مهم»‪ ،‬يمكن القول‬                              ‫الفاكهة والأشجار‪ ،‬ولوحات‬
                      ‫إنه النقيض تما ًما‪.‬‬                      ‫غرف النوم‪ ،‬بل يقول لنوال‬
                                                             ‫بوضح‪« :‬أنا ما اعرفش أرسم‬
   ‫فالفيلم يستم ُّد أهميته لطرحه أكثر‬
‫من قضية شائكة‪ ،‬سواء على المستوى‬                                  ‫إلا إللي حاسس بيهى‪ ،‬ثم‬
                                                                ‫يعقب كلامه بجملة‪« :‬على‬
      ‫الجمعي أو الفردي‪ ،‬ويتداخل فيه‬                           ‫فكرة أنا رسمتك»‪ .‬تمثِّل هذه‬
       ‫السياسي بالشخصي في تشابك‬                              ‫الجملة لحظة تحول فارقة في‬
                                                              ‫علاقتهما‪ ،‬تتلوها جملة «خلي‬
                          ‫لا يمكن فصله‬                       ‫الابتسامة دي على وشك على‬
                                                            ‫طول»‪ ،‬أو في نزهاتهما م ًعا في‬
  ‫المفضل وتسيل من عينيها‬         ‫هشام‪ ،‬وهو ضابط شرطة‪،‬‬        ‫الشارع وشراء الخضار‪ ،‬وفي‬
‫الدموع‪ .‬تحدث القفزة الزمنية‬        ‫مفتون بمهنته ويرى أنها‬
  ‫الثانية إلى عام ‪ 1975‬ومنى‬                                        ‫ضحكاتهما المشتركة‪.‬‬
‫تستمع إلى العندليب يغني في‬     ‫تعادل وجوده ككل‪ ،‬لذا يخمن‬
‫حفلة شم النسيم أغنية أهواك‬      ‫أنه يستطيع تحقيق أي مراد‬            ‫زوجة رجل مهم‬

                    ‫أي ًضا‪.‬‬         ‫يسعى إليه عبرها‪ ،‬وهذا‬         ‫وإذا كان ال ُمشاهد قد‬
   ‫أول ظهور لأحمد زكي‬           ‫صحيح إلى حد كبير‪ ،‬إذ إنه‬        ‫تعاطف مع أحمد زكي في‬
     ‫في الفيلم في دكان «عم‬      ‫من خلال مزيج من السلطة‬        ‫«موعد على العشاء» لتقديمه‬
  ‫بشارة»‪ ،‬يشاهد منى وهي‬          ‫والرهبة يهيمن على أحداث‬      ‫النموذج الحساس والصادق‪،‬‬
                                ‫كثيرة لحيوات أشخاص في‬          ‫فإن دوره في «زوجة رجل‬
      ‫قادمة بسرعة لتشتري‬         ‫دائرته الصغرى والكبرى‪..‬‬    ‫مهم»‪ ،‬يمكن القول إنه النقيض‬
    ‫شريط كاسيت فارغ‪ ،‬كي‬
‫تس ِّجل عليه حفلة عبد الحليم‬        ‫المشهد الأول في الفيلم‬                       ‫تما ًما‪.‬‬
  ‫من التليفزيون‪ ،‬ومن خلال‬      ‫بالأبيض والأسود ويعود إلى‬       ‫يستم ُّد فيلم «زوجة رجل‬
  ‫الحوار البسيط الذي يديره‬
  ‫الضابط هشام مع صاحب‬            ‫عام ‪ ،1962‬ومنى (ميرفت‬          ‫مهم»‪ ،‬أهميته لطرحه أكثر‬
  ‫الدكان في سؤاله عن هوية‬     ‫أمين) شابة على عتبة المراهقة‬    ‫من قضية شائكة‪ ،‬سواء على‬
  ‫منى‪ ،‬من تكون؟ وابنة من؟‬      ‫تركض في الشارع عائدة من‬       ‫المستوى الجمعي أو الفردي‪،‬‬
‫يدرك المشاهد إلى أي نموذج‬
     ‫من الشخصيات ينتمي‪،‬‬         ‫المدرسة لتذهب إلى السينما‬          ‫ويتداخل فيه السياسي‬
    ‫خاصة بعد ر ِّده الساخر‪:‬‬    ‫كي تشاهد فيلم «بنات اليوم»‬   ‫بالشخصي في تشابك لا يمكن‬
  ‫«بتحصل حاجات كتير في‬                                      ‫فصله‪ .‬قدم المخرج محمد خان‬
‫البلد دي مانعرفهاش»‪ .‬تتتابع‬       ‫لعبد الحليم حافظ‪ ،‬تنساب‬
                                   ‫مقدمة أغنية «أهواك» ثم‬     ‫هذا العمل عام ‪ ،1988‬وطرح‬
                                                               ‫عبره مفهوم علاقة السلطة‬
                               ‫صوت العندليب‪ ،‬ومنى برفقة‬          ‫بالسلطة‪ ،‬وعلاقة السلطة‬
                                  ‫صديقتها تهيم في عالمها‬        ‫بالفرد‪ ،‬مع التو ُّرط بتقديم‬
                                 ‫الخاص‪ .‬تراقب منى فنانها‬        ‫رؤيته للأفراد من النواحي‬
                                                                 ‫الاجتماعية والنفسية في‬
                                                                 ‫لحظات قوتهم وضعفهم‪.‬‬
                                                                 ‫يؤدي أحمد زكي دور‬
   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216