Page 216 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 216

‫العـدد ‪١٩‬‬                             ‫‪216‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                        ‫يطرح على المشاهد أسئلة‬
                                                                ‫من عينة‪ :‬هل يمكن للإنسان‬
  ‫وعندما يتسبب يحيى في‬             ‫والمطالب البسيطة‪ ،‬يحيى‬
      ‫اضطراب حياته يموت!‬           ‫المنقبادي متح ِّفز للمعرفة‬     ‫أن ينسي نفسه‪ ،‬أن تدفعه‬
                                   ‫متألم لضياع هويته بفعل‬          ‫ظروفه التي فرضت عليه‬
  ‫مشاهده مع المعلم هدهد‬         ‫الأحداث‪ ،‬بينما موسى يصلي‬          ‫أن ينسى علام كان يرتكز‬
    ‫(حمدي غيث) أي ًضا يشع‬       ‫لله قان ًعا لا يعرف عن المهمة‬    ‫في و ْثبته الأولى نحو هدفه‬
      ‫منها الفرق بين الرفض‬       ‫شيئًا ولا يريد أن يعرف! لا‬      ‫القديم؟ هل يمكن أن يشكل‬
    ‫والقبول‪ ،‬النقمة والرضا‪،‬‬      ‫يريد من الدنيا سوى العيش‬        ‫المحيط الاجتماعي والكلام‬
         ‫الاشتباك مع النفس‬       ‫البسيط بدون أن يفكر كثي ًرا‬   ‫والمواقف إنسا ًنا منب َّت الصلة‬
                                ‫أو يتطلع لأفق أكبر‪ ،‬حتى أنه‬        ‫بالآخر القديم؟ هل الوهم‬
‫والتصالح معها‪ ،‬المعلم هدهد‬        ‫عندما يراه لأول مرة يسأل‬      ‫عذاب أم الحقيقة عذاب أشد؟‬
 ‫كبير معلمي الباطنية متوائم‬     ‫«عندك أولاد؟»‪ .‬وعندما ييأس‬       ‫في المشهد الذي يعترف‬
                                    ‫يحيى من الإجابة عن أي‬       ‫فيه يحيى أبو دبورة لزوجته‬
     ‫تما ًما مع قدره كمجرم‪،‬‬      ‫شيء لا يجد ُب ًّدا من التحرر‬     ‫منفع ًل أنه تاجر مخدرات‪،‬‬
    ‫يعيش عار ًفا أنه سيموت‬         ‫من أفكاره المعذبة‪ ،‬ويلقي‬        ‫ينسى وننسى معه يحيى‬
 ‫قتي ًل جراء اقترافه القتل في‬   ‫أحمد زكي بصوت مهزوز بدأ‬          ‫المنقبادي‪ ،‬بل يصيبنا نحن‬
‫حق الآخرين‪ ،‬صاحب فلسفة‬           ‫العجز في التسلل إليه بدليل‬
  ‫تجعل الكون في تناغم أمام‬         ‫جلسته المنكمشة كهزيمة‬             ‫الش َّك فع ًل عندما تلتمع‬
‫عينيه‪ ،‬فعندما يقبض البوليس‬         ‫أمام واقع ساحق‪» :‬أنا لما‬        ‫عينا أحمد زكي بصدق لا‬
‫على رجاله لا ينزعج بل يقول‬         ‫ابتديت المهمة‪ ..‬كنت قادر‬     ‫مثيل له‪ .‬والصدق هو مفتاح‬
   ‫في ثقة «ربنا بيرزق الكل‪،‬‬      ‫أشوف كل حاجة بوضوح‪..‬‬
 ‫الطير في السما‪ ..‬والنمل في‬      ‫كنت متأكد من اللي باعمله‪..‬‬         ‫الشخصية الفنية لأحمد‬
‫الشق‪ ..‬وبيرزقنا احنا كمان‪..‬‬      ‫بعد كده‪ ..‬ابتديت أحس إني‬       ‫زكي والشخصية الإنسانية؛‬
  ‫الصياد لازم يرجع مجبور‪،‬‬       ‫بشوف الصورة من ورا لوح‬           ‫لذلك كان صوفيًّا من طراز‬
 ‫والبوليس لازم يرجع ومعاه‬        ‫إزاز‪ ..‬وبالتدريج ابتدت كده‬
  ‫صيده‪ ..‬حتى اللي اتقفشوا‬           ‫طبقة تتكون زي التراب‪..‬‬        ‫نادر يسعي كال َفراش نحو‬
   ‫ربنا هايرزقهم هم كمان»‪.‬‬          ‫والمشكلة إن التراب ابتدا‬        ‫نار الحقيقة‪ ،‬نار التجلِّي‪،‬‬
‫في مشاهده مع عمر (عزت‬              ‫يزيد‪ ..‬لدرجة إني مبقتش‬           ‫والحقيقة لا تمنح نفسها‬
   ‫أبو عوف) يبرز الفرق بين‬          ‫شايف أي حاجة‪ ،‬صورة‬
    ‫الطريق السهل المضمون‬           ‫ضبابية‪ ..‬ذكريات اختلطت‬         ‫سوى لمتص ِّوف يقدر على‬
     ‫والطريق الوعر‪ ،‬الضابط‬        ‫مع الأحلام مع الأوهام مع‬          ‫مواجتهها ثم إعطائها لنا‬
‫العادي الذي يعيش في حياته‬
‫الواقعية دون التضحية لهدف‬            ‫الحقايق‪ .‬الفترة الأخيرة‬     ‫سهلة نقرؤها أو نشاهدها‪،‬‬
   ‫أسمى يهدف للقضاء على‬                ‫ابتديت أحلم بكوابيس‬        ‫ويظل فعل المواجهة نفسه‬
  ‫تجارة المخدرات‪ ،‬والضابط‬                                         ‫بعي ًدا عن الإنسان العادي‪.‬‬
‫الذي اختار الاندماج والتو ُّحد‬  ‫وأصحى خايف‪ ..‬مش عارف‬             ‫المشاهد التي جمعته مع‬
      ‫مع شخصيته الجديدة‪.‬‬        ‫ليه؟ بقيت بحس إني محكوم‬
   ‫ومع فريدة (فرح) يجد‬                                             ‫موسى (عبد الرحمن أبو‬
‫يحيى جز ًءا من ذاته المفقودة‬        ‫عليا بالوحدة‪ ..‬متعلق في‬       ‫زهرة) في جامع السلطان‬
  ‫كأن الحب ‪-‬أغلى ما يمتلكه‬         ‫الهوا لا قادر أمسك حاجة‬
    ‫إنسان‪ -‬التعويض العادل‬         ‫بإيديا ولا فيه أرض تحتيا‪.‬‬         ‫حسن من أجمل مشاهد‬
  ‫عما لاقاه في أرض الخوف‬          ‫وبقيت أسأل نفسي سؤال‪:‬‬            ‫الفيلم‪ ،‬موسيقى روحانية‬
 ‫من عناء‪ ،‬يعود لزوجته قبيل‬                                        ‫لراجح داود مع أداء ثنائي‬
                                         ‫أنا ليه بقيت كده؟»‪.‬‬    ‫يتمازج فيش ُّع منه الفرق بين‬
                                                               ‫القلق والطمأنينة‪ ،‬بين الفوران‬
                                                               ‫والخمود‪ ،‬بين الآمال العظيمة‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221