Page 215 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 215

‫أي محب للفن السينمائي لا ب َّد أن‬                               ‫دبورة)‪ ،‬مما يجعلها أعقد من‬
    ‫يعجب بمجموعة من الممثلين‬                                       ‫دكتور جيكل ومستر هايد‪،‬‬

  ‫والممثلات ممن جسدوا حيوات لا‬                                  ‫فهنا ثلاثة شخصيات تتشارك‬
‫ُتنسى‪ ،‬رأيناها على شاشة السينما‬                                 ‫جس ًدا واح ًدا لا اثنتين فحسب‬
‫وشكلت وجداننا‪ ،‬ألهمتنا وجعلتنا‬
                                                                   ‫كما في قصة ستيفنسون‪،‬‬
  ‫نفكر في الحياة من جديد‪ ،‬أحمد‬                                  ‫وداخل هذه الغرفة يوجد سر‬
               ‫زكي واحد من هؤلاء‬
                                                                                ‫أحمد زكي‪.‬‬
 ‫وربما يمكن القول إنه يشير‬             ‫على اعتراف من الدولة‬      ‫أي محب للفن السينمائي‬
   ‫إلى طبيعة التغير العاصف‬        ‫يحميه ويثبت حقيقة مهمته‪،‬‬
  ‫لسياسة الدولة قبل النكسة‬                                          ‫لا ب َّد أن يعجب بمجموعة‬
‫وبعدها‪ ،‬فقد تقاطع يحيى في‬           ‫مع الوقت وتوالي السنين‬      ‫من الممثلين والممثلات ممن‬
   ‫مهمته مع أحداث سياسية‬            ‫يبدأ الشك والوهم لعبتهما‬
   ‫مهمة‪ ،‬لكن المستوى الذي‬                                          ‫جسدوا حيوات لا ُتنسى‪،‬‬
    ‫نجد فيه سر موهبة أحمد‬             ‫في العبث بعقل الإنسان‬       ‫رأيناها على شاشة السينما‬
 ‫زكي هو المستوى النفسي‪..‬‬          ‫حتى يخيل له أنه في الأصل‬
                                                                    ‫وشكلت وجداننا‪ ،‬ألهمتنا‬
     ‫صراع الوهم والحقيقة‪.‬‬           ‫مجرم‪ ،‬وكل الذكريات عن‬        ‫وجعلتنا نفكر في الحياة من‬
      ‫وتلك مشابهة للأزمة‬         ‫المهمة ومكافحة الشر محض‬          ‫جديد‪ ،‬أحمد زكي واحد من‬
  ‫التي عاش فيها يحيى لعشر‬                                         ‫هؤلاء خاصة عندما يجتمع‬
 ‫سنوات‪ ،‬أزمة الوهم وفقدانه‬          ‫خيالات تتراءى له‪ ،‬خاصة‬
‫لبوصلة نفسه لحساب مجرم‬             ‫عندما يقابل موسى مو َّظف‬        ‫مع مخرج بعقل فيلسوف‬
‫وقاتل يتضاد مع كل ما يمثله‬                                          ‫كداود عبد السيد ليدفعوا‬
‫ضابط شريف يرفض الرشوة‬                 ‫البريد ويعلم منه أن كل‬       ‫بالمشاهد معهم إلى أرض‬
‫ولا يتوانى عن تحرير محضر‬            ‫تقاريره لا تصل لأحد من‬
 ‫ضد رؤسائه إذا شكاهم أحد‬           ‫المسئولين بل تقع في يده‪،‬‬                        ‫الخوف‪.‬‬
     ‫المواطنين‪ ،‬ضابط يعيش‬        ‫وفي النهاية يتخلَّى عن مهمته‬     ‫ضابط شرطة يتم تكليفه‬
   ‫للقانون فيجد نفسه بقرار‬       ‫لكنه لا يزال حائ ًرا بين يحيى‬
 ‫واحد يوافق عليه مطار ًدا من‬     ‫المنقبادي ويحيى أبو دبورة‪.‬‬          ‫بمهمة سرية تمتد طوال‬
   ‫العدالة‪ ،‬منبو ًذا من زملائه‪،‬‬                                    ‫حياته‪ ،‬هدفها زراعة عميل‬
   ‫نبرة صوت أحمد زكي في‬                ‫تتم قراءة هذا العمل‬
 ‫السرد بداية الفيلم‪ ،‬بينما هو‬     ‫الفني على أكثر من مستوى‪،‬‬           ‫في العالم السفلي لدنيا‬
   ‫في مستهل حياته الجديدة‬                                           ‫المخدرات والجريمة‪ ،‬لن‬
‫المفروضة عليه‪ ،‬تختلف عنها‬              ‫سواء المباشر كضابط‬       ‫يكون مجرد جاسوس تنتهي‬
  ‫في نهاية الفيلم وهو ضائع‬        ‫يكافح الجريمة‪ ،‬أو المستوى‬         ‫مهمته عند مرحلة معينة‪،‬‬
                                 ‫الفلسفي المتسائل عن جدوى‬          ‫بل سيصبح فع ًل مشار ًكا‬
                                  ‫حياة الإنسان وجهده الدائم‬       ‫في الجريمة والفساد‪ ،‬لكن‬
                                 ‫في تحقيق شيء ما يذكر له‪،‬‬          ‫في أعماقه لا ب َّد أن يؤمن‬
                                  ‫أو المستوى الديني عن خلق‬      ‫بقدسية مهمته وهي تخليص‬
                                 ‫الإنسان ورحلته على الأرض‬           ‫العالم من الشر والفساد!‬
                                                                  ‫مهمة صعبة لا يقوى عليها‬
                                      ‫متشبثًا بقوانين السماء‪،‬‬       ‫إلا أولو العزم من البشر‪،‬‬
                                                                 ‫يوافق يحيى المنقبادي على‬
                                                                  ‫أن يصبح يحيى أبو دبورة‬
                                                                ‫بشرط ألا ينسيى أنه آدم في‬
                                                                  ‫مهمته‪ ،‬حيث يوالي إرسال‬
                                                                  ‫التقارير للداخلية‪ ،‬ويحصل‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220