Page 209 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 209

‫‪209‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫برفقة رجل يرى أن العواطف‬          ‫واح ًدا‪ ،‬بل هو نموذج متك ِّرر‪،‬‬  ‫اليوم الثاني صبا ًحا على مائدة‬
‫لا مكان لها في حياته‪ .‬يتصاعد‬        ‫وهي تدرك هذا في أعماقها‪،‬‬       ‫الإفطار‪ ،‬وعزت يمتدح شركاءه‬
                                     ‫وتبكي من شدة إحساسها‬
     ‫التأكيد على هذه المشاهد‬                                             ‫الأجانب وعدم اكتراثهم‬
  ‫في اللقطة التي تتشارك فيها‬            ‫بالعجز عن مقاومة هذه‬       ‫بالمشاعر‪ ،‬بل تكريسهم الحياة‬
 ‫نوال المصعد مع مجموعة من‬           ‫النماذج التي تسلبها حياتها‪،‬‬
‫الرجال‪ ،‬الذين يزدحمون حولها‬                                          ‫للعمل‪ ،‬حتى لو اضطروا إلى‬
   ‫حتى تكاد تشعر بالاختناق‪،‬‬               ‫والأشياء التي تحبها‪.‬‬         ‫وضع أبنائهم في مدرسة‬
‫وبالكاد تتم َّكن من العبور بينهم‬    ‫المشهد اللاحق في حوار‬
 ‫حين تريد المغادرة‪ ،‬وهي تمد‬                                           ‫داخلية‪ ..‬الجملة التي تقولها‬
  ‫يدها الصغيرة لتشق طريقها‬            ‫الطبيبة النسائية مع نوال‪،‬‬        ‫نوال لزوجها عن حاجتها‬
  ‫نحو الباب إلى مكتب زوجها‪،‬‬            ‫وقولها لها إن سبب عدم‬
   ‫كي تطلب منه الطلاق‪ ،‬لكنها‬       ‫الإنجاب هو سبب نفسي‪ ،‬بدا‬         ‫للكلام معه في أمر مهم‪ ،‬تظ ُّل‬
                                  ‫مفتع ًل‪ ،‬إذ كان يكفي أن تقول‬        ‫معلقة في الفراغ‪ ،‬ولا تلقى‬
     ‫لا تجده‪ ،‬وتتجه فو ًرا بعد‬       ‫لها إنه ليس لديها أي مانع‬       ‫ر ًّدا‪ ،‬لأن زوجها رج ُل أعما ٍل‬
 ‫حوار مقتضب مع السكرتيرة‬          ‫صحي يحول دون الحمل‪ ،‬لكن‬              ‫مشغول وليس لديه وقت‬
  ‫التي تؤكد لها أنه ربما يكون‬        ‫بدا هذا المشهد أي ًضا يعزز‬        ‫للتعامل مع هذه التفاصيل‬
  ‫موجو ًدا في المطعم المعتاد‪،‬‬         ‫الفكرة المراد إيصالها منذ‬                      ‫الصغيرة‪.‬‬
  ‫هناك تجده برفقة أخرى‪ ،‬ولا‬       ‫البدء‪ ،‬وجود خلل ما في علاقة‬        ‫في مشهد لاحق‪ُ ،‬يع ُّد من‬
                                     ‫نوال بزوجها‪ ،‬رغم حياتها‬
                                    ‫المرفهة‪ ،‬إلا أنها ببساطة لم‬     ‫أهم المشاهد الكاشفة لتركيبة‬
                                     ‫تتمكن من أن تكون سعيدة‬          ‫هذا الفيلم ولشخصية نوال‪،‬‬
                                                                    ‫ولما ستمضي إليه اختياراتها‬
     ‫أحمد زكي وبشير الديك وحسين فهمي أثناء‬
      ‫تصوير فيلم «موعد على العشاء»‪١٩٨١ ،‬‬                           ‫في الحياة‪ ،‬تنهار هي من البكاء‬
                                                                       ‫عقب زيارتها للمزاد برفقة‬
                                                                      ‫صديقاتها الثلاث‪ ،‬ورغم أن‬
                                                                      ‫نوال لا تأبه بالمزادات ولا‬

                                                                   ‫تستمتع بها؛ إلا أن لوحة لطفلة‬
                                                                      ‫تمضي في طريق ما برفقة‬

                                                                    ‫رجل كبير‪ ،‬ربما يكون والدها‬
                                                                       ‫أو جدها‪ ،‬تجذب اهتمامها‪،‬‬
                                                                        ‫وتحس أنها ترى حياتها‬

                                                                    ‫معكوسة في هذه اللوحة‪ .‬في‬
                                                                   ‫المقابل يظهر رجل سمج اتخذ‬

                                                                       ‫منه خان نموذ ًجا لتصوير‬
                                                                      ‫رؤية الرجل للمرأة‪ ،‬ينافس‬
                                                                    ‫على شراء اللوحة وهو يقزقز‬
                                                                       ‫اللب ويرميه على الأرض‪،‬‬
                                                                       ‫ويكون هاجسه كله شراء‬
                                                                    ‫اللوحة فقط كي لا يترك نوال‬
                                                                     ‫تح ِّقق حلمها‪ ،‬لا يمكن إغفال‬
                                                                   ‫هذا المشهد أب ًدا‪ ،‬إذ تنبني عليه‬
                                                                       ‫دائرة العلاقات التي تحكم‬
                                                                   ‫العمل‪ ،‬زوجها عزت ليس فر ًدا‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214