Page 246 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 246
العـدد ١٩ 246
يوليو ٢٠٢٠
والفن بعامة ،غير أن الرواية أو صفح ًة جديدة ،لأن الأمر ليس فقط الجمالية ،لا لتجربتي ولا لسواها.
القصيدة أو اللوحة يمكن لها إن إحلال امرأة محل الرجل ،بل يتطلَّب
شخص ًّيا ،أرى أ َّن «تاريخ
شاءت أن تع ِّري من الواقع ما الأمر تفاصي َل ومعاني جديدة، العيون المطفأة» لا تستهدف
تع ِّري ،أن تهت َك ما يش ِّوه جماليات حاولت (تاريخ العيون المطفأة) أن ابلهطلرطَحرالحسقياضاسي َّاي،إنبلساتن َّتيةو َّسل
أعمق :القيم المعاصرة ،مث ًل،
الاجتماع البشري أو جماليات تكتبها. وفشل حداثة ال َّذات .فمولود
الطبيعة .ومثل هذا (الفعل) الثقافي من السياسة في العراء ،من –وهو الشخص َّية الرئيس َّية–
أو الإبداعي هو مساهمة في التغيير السياسة بالمعنى المباشر ،تغوص انتهى قام ًعا ،لك َّنه بدأ الرواية
المنشود .أما (المطالبة) أو القول الرواية في الأعماق ،لا يعنيها مقمو ًعا .وكأ َّن نبيل سليمان
الظاهر إلا بمقدار ما يصلها منه يذابتحه،ث،وإل َّنامافيف ايلحسديرثوارلتسهياس ِّي
بـ(يجب) و(على )..وما ماثل بالباطن .تلك هي مليكة في (تاريخ
من الصيغ ،فهي تثير قلقي من العيون المطفأة) حين يقذف بها النفس َّية والاجتماع َّية.
وغضبي على (الإلزام) المتقنَّع اعتراضها على ما يفعل (السياسي) من الحروب إلى الصراعات
بالسيئ الذكر :الالتزام الجدانوفي. في الجامعة ،إلى باريس ،وهي التي السياسية إلى الأفكار والفلسفات
والرواية ،بواحد من تكويناتها أو تدرس الفلسفة ،تتط َّور سياسيًّا السياسية ،إلى ما ُعرف بأدب
(ماهياتها) إن ص َّح التعبير ،تتو َّفر وفكر ًّيا نحو الاشتغال على (نظرية السجون ،إلى مقاومة الديكتاتورية،
على حيوات فردية ومجتمعية ،عقد العماء) التي تتَّصل بالاقتصاد إلى سوى ذلك من ك ِّل ما يتص ُل
نفسية وصراعات فكرية وصبوات والنقد الأدبي و ..فتمور أعما ُق بالسياسة أو تتصل السياسة به،
وعادات وتقاليد و ..من الكثير مليكة ،يمور الحب والحداثة وما حاولت ألا يكون حضوره في أ ٍّي
الذي يمكن أن يتفاع َل مع علو ٍم بعدها ،تمور الفلسفة والسياسة، من رواياتي وثائقيًّا ،أو فوتوغرافيًّا،
إنسانية شتَّى ،هي أكثر مباشرة تمور القيم ،تمور الذات ،وهكذا بل أن يكون أفعا ًل وأحوا ًل نفسية،
بأمر التغيير ،أكثر ملموسية .حتى مضت الرواية من اعتقال مليكة إلى اجتماعية ،روحية .وتلك هي (تاريخ
السياسة بالمعنى الفكري أو العملي نجاتها وفرارها من ق ّمورين إلى العيون المطفأة) ،اكتفت من حرب
يمكن لها أن تفيد من الرواية مثلما فرنسا ،مضت من السياسة إلى ما 1948في فلسطين بذكرها في عد ٍد
تفيد من علم الاجتماع أو من علم من الجمل ،ولكن انطلقت منها إلى
ذكرت من الفلسفة وسواها. ما بدأ يتلامح كدا ٍء في الأبصار.
النفس. وصورت الرواية ذلك كأحداث
يعيدنا الحديث عن السيرورة فردية أو أسرية ،كمعاناة روحية
هناك اشتغا ٌل على الدوائر إلى علاقة الرواية بالتاريخ في أسرة الشيخ حميد ماء العينين.
الحكائ َّية وعلى د ْم ِج مستويات وبالواقع .هل أ َّن الرواية وماذا كان من شأن التحقيق مع
مولود في الفرع الأمني الذي
السرد في اعتمال غير مألوف مطالبة بنقد الواقع أو تجذيره ابتدعته الرواية :فرع النساء؟ لقد
للرواية العرب َّية :حكاية أو تغييره كما ُيراد لها؟ أم أ َّن أحلَّت الرواية المح ِّققة المرأة محل
عليها أن تو ِّفر مجا ًل تشتغل المح ِّقق الذكر الذي تعودنا عليه
تفضي إلى أخرى ،ورا ٍو ُيحيل في الرواية العربية وغير العربية.
على آخر ،وقصص متداخلة عليه مباح ُث أخرى ،هي وبحلول المرأة هذه المرة محل
يتش َّتت بها المعنى .ما سبب الكفيلة بالتغيير والتجذير الرجل انفتحت (في أدب السجون)
هذا الاشتغال؟ والنقد ،على غرار استفادة
العلوم النفس َّية والاجتماع َّية
من حكايات الجدات في الطفولة والأنثروبولوجيا من الرواية
تشرب ُت تناس َل الحكايات وتوليدها.
الغرب َّية؟
وهذا ما تر َّسخ في الوعي وفي على الرغم من أن كلمة (التغيير)
الأعماق بفضل التراث السردي،
بخاصة منه (كليلة ودمنة) و(ألف كبيرة ج ًّدا على الرواية أو الأدب
ليلة وليلة) والتراث السردي الديني