Page 248 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 248
العـدد ١٩ 248
يوليو ٢٠٢٠
الركني ،مما سبق التفصيل به. ما الذي يدعو نبيل سليمان لكنني أسميه (استراتيجية
إلى توظيف فنون مختلفة التعيين) .وقد ب َّكرت إلى هذه
أما الموسيقا فلها حدي ٌث في المتن الروائي ،خاصة الاستراتيجية أي ًضا في رواية
آخر .هنا تحضرني الشهادة (السجن) التي صدرت عام ،1972
الموسيقا؟ حيث لا يتح َّدد فضاء الرواية ،لا
الروائية الأولى التي ق َّدمتها عام نشأت (مجبو ًل) بالفنون، تتعيَّن جغرافيتها في جغرافيتنا،
1974لمجلة المعرفة السورية تأخذني غواية السينما حيث تشاء، وإن تكن تنطلق منها وتنتهي إليها،
بعد أو أبكر من غواية الموسيقا،
(المحتجبة) ،حين سأل ْت عد ًدا ومن بع ُد جاءت غواية المسرح ولا تفتأ تخاطبها.
من الكتاب عن مفهوم واحدهم والفن التشكيلي .ولعل حضور في رواية (أطياف العرش– )1995
للرواية ،فكتبت أنني أتطلَّع إلى الفنون في رواياتي أن يكون إذن
لأنني مسكون بها كما أنا مسكون ثم في رواية (سمر الليالي–
رواية كالموسيقا :انفتاح مطلق. )2000عدت إلى ما أسميه:
بالحكاية. استراتيجية اللاتعيين ،التي
والحق أن ذلك كان طمو ًحا في الجزء الثالث (التيجان) كانت قد أخذت تروج وتغري
غام ًضا ،كان غواية غامضة أكثر من رباعية مدارات الشرق ،وفي بعد رواية عبد الرحمن منيف
بكثير مما كان وعيًا .وكان أول الجزء الرابع (الشقائق) حضر (شرق المتوسط ،)1975 -لكنني
حضور الموسيقا في رواياتي عبر الفن التشكيلي في شخصية لم أعد إليها بعد (سمر الليالي)
عدي البسمة في ثلاثينيات القرن حتى (تاريخ العيون المطفأة).
الغناء .لكنَّه مع شخصية (ترياق وهنا أذ ِّكر بالتفسير الذي راج
الصوان) في (مدرات الشرق) الماضي وأربعينياته ،عندما لهذه الاستراتيجية /اللعبة :إنه
تط َّوح الفنان الشاب من دمشق التقية من الرقابة والقمع .ولست
غدا عنص ًرا أساسيًّا في بناء أنفي ذلك عن (اللاوعي) ،أما في
الرواية وفي بناء هذه الشخصية. إلى باريس ،إلى جنيف ،إلى (الوعي) فلم تكن التقية داف ًعا لي
شرق سورية ..وهذه التجربة البتَّة .لكن الأهم الذي تح َّدثت عنه
ومثل كل ما في (تاريخ العيون ضاعفت يقيني ووعيي بما للفن مرا ًرا هو ما تتيحه هذه اللعبة ،هذه
التشكيلي في الرواية .غير أن ذلك الاستراتيجية ،من آفاق للمخيلة،
المطفأة) من جديد لا يخلو من أخذ في (تاريخ العيون المطفأة)
شك ًل جدي ًدا عبر شخصية لطيف ترمح فيها
التعقيد أحيا ًنا ،كانت الموسيقا وتبتدع
في شخصيات نساء ،كفيفات،
ومث َّقفات ،وصديقات ،لهن أعمال جغرافيتها
وزمنها
وأعمار مختلفة ،لكن الموسيقا
كما تبتد ُع
هي أرواحهن ،تراه َّن مرة في شخصياتها،
وداع مليكة قبيل سفرها /هربها
وفي ذلك
يكون للمك ِّون
الجغرافي
من مكونات
الرواية خلق
جديد سوف
يفعل فعله في
عالم الرواية.