Page 253 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 253

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫ســيرة‬

   ‫لا أراجعه‪ ،‬بل أقتصر على سنوات‬            ‫عضو ونشروا لي قصيدة نسيتها‪.‬‬           ‫أسيوط الشاعر فؤاد بدوي رحمه الله‪.‬‬
                         ‫الهزيمة‪.‬‬            ‫شهد المؤتمر حرية فكرية‪ .‬أذكر‬           ‫التقى بنا وتعرف علينا‪ .‬تحدث معنا‬
                                              ‫أن شعراوي جمعة وزير الداخلية‬
‫في سنوات السادات الأولى رفض‬                ‫افتتح المؤتمر‪ .‬حدث نقاش بينه وبين‬      ‫وقرأنا عليه نماذج من أعمالنا وناقشنا‬
     ‫محمد حسنين هيكل نشر رواية‬              ‫بعض الأعضاء واعترض على حديثه‬            ‫ومشي‪ .‬بعدها بعدة أيام أبلغونا في‬
                                              ‫البعض ولم يحدث شيء‪ .‬أعتقد أن‬            ‫القصر بأسماء من اختارهم فؤاد‬
  ‫«المرايا» في الأهرام فنشرها رجاء‬           ‫هذا كان توجي ًها من عبد الناصر أن‬       ‫بدوي ليمثلوا المحافظة في مؤتمر‬
  ‫النقاش عام ‪ 1971‬في مجلة الاذاعة‬           ‫يسمح بالإعلان عن آراء مختلفة‪ .‬من‬                    ‫الزقازيق وكنت منهم‪.‬‬
 ‫والتلفزيون‪ ،‬ورفض أحمد بهاء الدين‬          ‫يراجع صحف سنوات الهزيمة سيجد‬             ‫كانت رحلة تاريخية بالنسبة لي‪.‬‬
  ‫نشر رواية «الحب تحت المطر» في‬            ‫صدى لهذا التوجه‪ .‬أعتقد أن هذا كان‬
‫الأهرام في العام التالي فنشرها رجاء‬       ‫من دروس الهزيمة أي ًضا‪ .‬إلا أن الآراء‬   ‫ركبت فيها لأول مرة القطار المجري‪.‬‬
                                          ‫المعارضة لم تصل إلى حد الاعتراض‬         ‫قابلت كبار الشعراء الذين لم أفكر في‬
     ‫في مجلة الشباب‪ .‬اعترف نجيب‬             ‫على عبد الناصر نفسه‪ ،‬بخاصة بعد‬        ‫لقائهم‪ .‬بل وجدت نفسي عض ًوا معهم‬
  ‫محفوظ بأن الرقابة شوهت روايته‬                                                   ‫في لجنة الشعر‪ :‬صلاح عبد الصبور‬
                                               ‫الرفض الشعبي العام لتنحيه عن‬       ‫الذي رأس اللجنة وأحمد عبد المعطي‬
     ‫«الكرنك» وأن الأصل الذي كتبه‬          ‫الحكم‪ .‬عبد الناصر الذي بعد أن مات‬
‫مختلف تما ًما عن النسخة التي طبعت!‬                                                    ‫حجازي مقررها‪ .‬خرجت من هذا‬
                                              ‫رثاه صلاح عبد الصبور بقصيدة‬          ‫المؤتمر بصداقة ثلاثة أربعة شعراء‬
  ‫حاول عبد الناصر إعادة تأسيس‬               ‫«الحلم والأغنية» وأحمد عبد المعطي‬     ‫مصريين هم ملك عبد العزيز ومحمد‬
   ‫فكره الناصري في سياسة الدولة‬             ‫حجازي «مرثية العمر الجميل» وعبد‬        ‫مهران السيد وحسن توفيق ومحمد‬
                                            ‫الرحمن الأبنودي «مواويل وتناتيش‬         ‫عفيفي مطر‪ ،‬وشاع ًرا عراقيًّا ف ًّذا هو‬
‫فأصدر بيان «‪ 30‬مارس» ‪ 1968‬بعد‬
 ‫عشرة أشهر فقط من الهزيمة‪ .‬سمح‬               ‫للذكرى»‪ ..‬وغيرهم كثر من شعراء‬             ‫مظفر النواب الذي كان حاض ًرا‪.‬‬
‫فيه لأول مرة بانتخابات «حرة» داخل‬           ‫مصر والعرب‪ .‬وجدنا التضييق على‬            ‫أقول صديقهم بينما كنت في عمر‬
 ‫تنظيم الاتحاد الاشتراكي من القاعدة‬        ‫حرية الفكر والإبداع في سنوات حكم‬        ‫أبنائهم‪ ،‬لكنهم أسبغوا عل َّي الصداقة‬
                                             ‫الرئيس السادات وبخاصة سنوات‬
    ‫إلى القمة‪ .‬أنشأ المجالس القومية‬                                                    ‫بكرم ومحبة تعلمت منها كثي ًرا‪.‬‬
  ‫المتخصصة التي تعتمد على العلماء‬              ‫ما قبل حرب أكتوبر‪ .‬راجع مث ًل‬        ‫رغم أنهم كانوا شبا ًبا أي ًضا في هذا‬
                                            ‫مذكرات نجيب محفوظ التي سجلها‬             ‫المؤتمر إلا أنني لم أكن قد تجازت‬
    ‫والمتخصصين في تشكيلها‪ .‬لجأ‬              ‫رجاء النقاش من صفحة ‪ .138‬حيث‬          ‫عامي السادس عشر! بدأ عفيفي مطر‬
  ‫إلى هؤلاء المتخصصين في تشكيل‬                                                    ‫إصدار مجلته سنابل في هذا المؤتمر‪.‬‬
  ‫الوزارة بمن يسمون «التكنوقراط»‪.‬‬             ‫تحدث عن ثورة عبد الحكيم عامر‬
                                             ‫ضده بعد نشر روايته «ثرثرة فوق‬            ‫كان المؤتمر يصدر نشرة يومية‬
    ‫اهتم بالبحث العلمي سواء بإعادة‬        ‫النيل» بينما حماه عبد الناصر‪ .‬وسمح‬       ‫أجروا معي فيها لقا ًء بصفتي أصغر‬
‫تنظيم وزارة البحث العلمي أو بالبحث‬           ‫عبد الناصر بعرض فيلم «شيء من‬
                                            ‫الخوف» عن رواية ثروت أباظة التي‬
   ‫العلمي في الجامعات‪ .‬كان كل ذلك‬           ‫هاجم فيها عبد الناصر مباشرة‪ .‬في‬
     ‫وغيره من دروس هزيمة يونيو‪.‬‬            ‫حديث نجيب محفوظ عن نشر روايته‬
     ‫أثناء إعداد عبد الناصر الدولة‬          ‫«ميرامار» واعتراض عدد من أعضاء‬
                                          ‫الاتحاد الاشتراكي على الفيلم توضيح‬
  ‫للحرب‪ ،‬وقبل أن يكمل هذا الإعداد‪،‬‬        ‫للفارق بين شخصية وفكر عبد الناصر‬
  ‫وبعد ثلاث سنوات فقط من الهزيمة‬            ‫وشخصية وفكر أنور السادات‪ .‬هذا‬
  ‫مات جمال عبد الناصر‪ .‬شهد موته‬
‫استفتا ًء شعبيًّا جدي ًدا على مكانته بين‬       ‫لا يعني أن حكم عبد الناصر كان‬
                                            ‫مثا ًل ديموقراطيًّا يحتذى‪ .‬لكنني هنا‬
    ‫الناس‪ .‬لكنه هذه المرة لم يستطع‬
 ‫التنحي عن الموت‪ ،‬كانت فترة أخطر‬

   ‫من محاولة تنحيه عن الحكم‪ .‬فهو‬
 ‫لن يعود من جديد‪ ،‬ولن يجد الشعب‬
‫ملابسه ليتمسك بها‪ .‬دخلنا في مفترق‬

            ‫طرق‪ ،‬لن أدخل فيه هنا‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258