Page 254 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 254

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪254‬‬

                                     ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

                                     ‫سلو ُك‬

                                             ‫التس ُّول‪..‬‬
                                     ‫د‪ .‬آمال كمالرؤية‬

                                     ‫نفسية‬

‫التي ُمنيت بها المجتمعات بفترات‬          ‫القداسة المحمودة‪ ،‬وتح ِّصنها‬        ‫تش َّكلت العلاقا ُت الإنسانية‬
   ‫خمول أو كساد أو ج ْدب نتيجة‬           ‫بالحماية عبر مسميات مكافئة‬
 ‫الحروب أو نقص الماء والكلأ أو‬            ‫(الصدقة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والك َّفارة‪،‬‬       ‫منذ نشأ ِة المجتمعات الأولى؛‬
                                     ‫والتط ُّهر) ووعدت بالجزاء الحسن‬         ‫تلك المجتمعات التي وجدت في‬
 ‫اجتياح الأوبئة‪ ،‬تلك الأحوال التي‬      ‫لمن يحوز تلك الصفات أن يلقى‬        ‫تقاربها ملا ًذا لا بديل عنه؛ من أجل‬
 ‫ُيفترض أن ُيصاحبها الكفاف وأن‬          ‫بعض الجزاء الأوفى في الحياة‬         ‫مواجهة مخاطر الطبيعة المح ِدقة‬
‫تدفع بالأفراد إلى سؤال من يملك‬            ‫الدنيا‪ ،‬ثم تكتمل الإثابة وقت‬    ‫بها‪ ،‬ونتج عن بزوغ أنماط الملكية‬
                                                                           ‫والاستحواذ على مصادر الموارد‬
   ‫كي يعطي من لا يملك من أجل‬               ‫العروج إلى ملكوت السماء‪.‬‬          ‫الطبيعية هيكل ٌة اجتماعية طبقية‬
                ‫استمرار الحياة‪.‬‬        ‫وسلوك التس ُّول لم توضع له‬             ‫مح َّملة بكل صراعاتها الحتمية‬
                                       ‫نقاط انطلا ٍق تاريخية مح َّددة أو‬    ‫من الامتلاك حتى فوران التنور‪،‬‬
  ‫تتع َّدد أشكال التسول ويبتكر‬        ‫واضحة إذا ما حاولنا البحث عن‬
    ‫المتسولون دائ ًما طر ًقا جديدة‬      ‫بداي ٍة تاريخية محددة لظهوره‪،‬‬           ‫إلى العيش على حدود حا َّفة‬
                                                                           ‫الكفاف‪ .‬وعليه تنوعت السلوكيات‬
 ‫من وقت إلى آخر‪ ،‬فمنهم من هو‬             ‫وإنما يستدل عليه كاستدلالنا‬
  ‫في حاجة حقيقية للمال‪ ،‬ومنهم‬            ‫في التحليل النفسي عن معنى‬            ‫البشر َّية الناتجة عنها‪ ،‬فإيجا ًبا‬
   ‫المحترفون الذين يعملون تحت‬        ‫وسياق السلوك الظاهر من مكامن‬                ‫نمت المشاعر والسلوكيات‬
‫مظلَّة منظمة ويتَّخذون من التسول‬     ‫اللاشعور‪ ،‬وتاريخية الفرد‪ ،‬فيمكن‬
                                        ‫أن نستنتج تف ِّشيه في الأوقات‬        ‫الاجتماعية– النفسية كالتعاون‪،‬‬
     ‫مهن ًة دائمة كوراثة عائلية‪ ،‬أو‬                                       ‫والتكافل‪ ،‬والكرم‪ ،‬والإيثار‪ ،‬إلى أن‬
   ‫كسلوك استسهالي بديل ‪-‬رغم‬                                                ‫جاءت الأديان لتصبغ عليها صف َة‬

     ‫الكفاءة البدنية‪ -‬عن ممارسة‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259