Page 258 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 258
العـدد ١٩ 258
يوليو ٢٠٢٠
الاجتماعي الذي لا شك فيه أن المتسول يمتلك ذكا ًء اجتماع ًّيا
التعا ُطف سيكون على أ ُشده مع يساعده على معرفة قابلية
أناس تق َّطعت بهم سبل الأمان
والاستقرار ،وخطاب التسول هنا الأفراد للاستجابة له فيلجأ إلى
يستنف ُر لدى الأفراد مخاو َف وقلق السيدات وكبار الس ِّن وأطفال
الانفصال عن الأم /الأرض ،غياب المدارس والمراهقين مع ِّوًل على
مشاعر الأمن /الاستقرار ،الفقد تلك المراحل العمرية أكثر من
غيرها .ولديه الثقة في أن الجانب
أو الغياب ،والبذل بالعطاء هنا الوجداني /الانفعالى هو مدخله
يخ ِّفف من تلك المشاعر.
إلى اكتساب تعاطفهم
ومع تط ُّور وسائل الاتصال،
ظهرت أشكال من التسول كما يدعم مشاعر الزهو والتف ُّوق زكاة المال وزكاة الفطر -يصبح
اللاشعوريين بتج ُّنب مصير من أكثر شهور العام روا ًجا
الإلكتروني ،من طلب مساعدة الآخر. للتس ُّول ،سنج ُد أحد الأشكال
مباشرة أو التلميح بسوء الحال، وظهرت في الآونة الأخيرة المبتكرة للتس ُّول فيه ارتداء
أو لإجراء جراحة ،أو لتأمين أساليب مستح َدثة من التسول، المتسولين ملابس ع َّمال النظافة
مستقبل أطفال فقدوا ذويهم، نتجت عن الصراعات السياسية بألوانها المشعة اللافتة ،والتساؤل
ويترك الأفراد أرقام الاتصال
لتحويل المبالغ عليها بعد تط ُّور المسلَّحة؛ فإذا كانت كوار ُث هنا لماذا وقع اختيار المتسولين
خدمة الفون كاش وغيرها .وهذا الحروب مرتبط ًة في الأذهان على هذا النموذج «عمال النظافة»؟
الشكل من أشكال التس ُّول يختلف بفكرة إنتاج أثريائها ،فإ َّنها ترتبط
عن سلوك النصب الإلكتروني أكثر بالفقر والتش ُّرد والتسول، ذاك أنه يمثل المستوى الأدنى
الذي تنوعت أشكاله وآلياته نعم لن نعدم وجود متسولين من الدخل في التصور الذهني
من جنسيات مختلفة تق َّطعت بهم للعامة ،كما أن ذهنية المتس ِّول
مع تطور وسائل التواصل السبل ،أو ألقت بهم مآسيهم أو من يديرون تلك الحرفة على
الإلكتروني. إلى خارج أوطانهم كلاجئين ،أو دراية كافية بالكيفية التي ينظر بها
هاربين إلى وضع معيشي أفضل، أفراد المجتمع بطرف أعينهم لتلك
إن مقابلة شخص يتو َّسل أو بحثًا عن البقاء الآمن في ح ِّد الطبقة ،فمهنتهم وليست ملابسهم
المساعدة ويل ُّح عليها أم ٌر ذاته .لكن المتسولين يلتقطون تلك ما يستدعي لديهم مشاعر الشفقة
المأساة /الفرصة ،متَّخذين من والإحسان ،تصبح دالَّ ُة الملابس
لم يخطئ أ ًّيا منا في حياته، تعلُّم وإتقان «لكنة اللغة» وسيلة هنا جوا َز المرور الرمزي إلى
وردود فعل الأفراد تتنوع؛ إما للتسول ،فهم يعلمون بذكائهم ما يجود به الأفراد ،والمنح هنا
بالاستجابة المباشرة بإعطائه يؤدي إلى طمأنة القلق الداخلي
مطلبه ،أو ُيخضعون الأمر لميزان
الاستحقاق ،وقد يعتقد آخرون أن
مساعداتهم تسهم في الإبقاء على
سلوك التس ُّول ،في حين يرفض
آخرون الأمر جمل ًة وتفصي ًل
ويرون أن سلوك التسول لدى
معظم المتسولين لا ينفص ُل عن
سلوك النصب ويع ُّدونه أحد
أشكاله.
إن أ ًّيا من تلك الاستجابات
السابقة تعكس نم َط شخصي ِة