Page 255 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 255
255 ثقافات وفنون
ثقافة شعبية
من آخرين بشك ٍل عرض ٍّي كرها ٍن السن على كرا ٍس مج َّهزة ،أو العمل ،وهم يدركون أهمية أن
محتمل ،فالمتسول هنا يملك ذاك تسول المرأة الحامل ،وتسول تكون الطرق المستحدثة لها من
الحس النفسي– اجتماعي (الذكاء الأطفال مع إضافة حبكة درامية المصداقية والتأثير على الأفراد
تتعلَّق بكونهم أطفال مدارس
الوجداني) الذي يعد أحد أهم ما يجعلها تح ِّقق الهدف منها
مق ِّومات شخصيته التي يعتمد يتس َّولون ويذاكرون في آن بالمزيد من جني المال؛ وهم في
عليها ،فهى تساعده على مهارة واحد ،وأخي ًرا تس ُّول اللاجئين سبيل ذلك ينتشرون بجوار ك ِّل
كعابري سبيل أو ادعاء المتسولين المؤسسات الخدمية كالمطارات
فرز الأفراد وتصنيفهم طب ًقا المحترفين لكنتهم ليحلوا محلهم والبنوك والمجمعات الاستهلاكية
لمستواهم الاقتصادى وقدرتهم أو يشاركوهم في الحصول على والمطاعم والمدارس والجامعات
الهبات ،وقد تعلو صيحة أسلو ٍب
على التأثر. ما من أساليب التسول ويزدهر والمستشفيات وأماكن العبادة
وقد يلجأ بع ُض المتسولين تب ًعا لتغ ُّير الظرف الاقتصادي أو والمقابر.
إلى مد اليد الطالبة للعون في السياسي ،وقد يخفت صدى آخر،
صمت ،دون اللجوء إلى كلمات لكنها جمي ًعا تسير جنبًا إلى جنب وأساليب التسول المرتبطة
مصاحبة ،وغالبًا ما تكون اليد ولا يسقط منها إلا ما يتم كش ُف بالخديعة والكذب عادة ما يتك َّشف
اليمنى التي لها قداسة في التراث زيفه ،خاصة تلك الطرق التي
الديني والمأثور الشعبي ،فرمزية تنطوي على الكذب والنصب. زي ُفها وإدعاؤها بعد فتر ٍة من
اليد أنها «تمنح ،تذود عن الفرد إن استجابة الكبار الراشدين الوقت ،فتفقد بريقها ويعافها
معاناته ،تتلامس برفق حاملة الناس ولا يستجيبون لها ،ولا
لمعنى المؤازرة ،تعطي الحب تجاه المتس ِّولين تختلف عن يعدم المتسولون استحداث أفكا ٍر
استجابة الشباب والأطفال في جديدة يلقون بها إلى قارعة
المشبع /لبن الأم ،السكينة مقدار ما يمنح ،كذلك يختلف الطريق .فجعبتهم دائ ًما ملأى
والطمأنينة» ،كما أن وضعية اليد دخل المتسول حسب الأماكن بالحيل ،وخطابهم دائم التجديد،
تختلف بين المتسول والمحسن، التي يمارس فيها سلوك التسول، وبعض أشكال التسول القديمة
«يد ُسفلى تأخذ بطلب الإحسان، ويلعب الوقت دو ًرا مه ًّما حيث التي اعتادها الناس تظل قائمة
جنبًا إلى جنب مع الحيل الجديدة.
ويد ُعليا تمنح ،تمثِّل القوة يرتفع مؤ ِّشر التس ُّول في فالابتزاز اللفظي ،ومد اليد
والسلطان» ،والبعد الثقافي يرمي المناسبات الدينية أكثر من أ ِّى الصامت ،والتسول بالإعاقات
بظلاله ،فمن النادر في بلادنا أن كالبكم والعمى أو الكشف عن
وق ٍت آخر من العام. الأعضاء المبتورة ،هى أكثر ما
يستخدم أحد المتسولين وعا ًء وتحمل أسالي ُب التس ُّول الكثير ُعرف من أشكال التسول ،حيث
لجني المال كبدي ٍل عن مد اليد، ُيستخدم فيها الجسد المريض
فالعلاقة هنا مباشرة بين ي ٍد ويد، من المعاني النفسية ،ودراسة
وتصبح في وضعيتها تلك وعا ًء الديناميات النفسية للعلاقة والمشوه كمدخل للابتزاز
بدي ًل قاب ًل للملء ،ومد اليد أي ًضا العاطفي ،ثم جاءت مجموعة تالية
قد يحمل معنى التهديد بامتدادها بين المتسول– المح ِسن هى ما
بالعدوان ،فالقول «إن أحدهم سنحاول إلقاء الضوء عليه من كاستخدام الشهادات المرضية،
يم ُّد يده على مال الغير» تعني منظور ثقافي– دينامي ،فلجوء وحمل الأطفال الصغار ،وادعاء
أنه يسلبه ما يملك ،يسرقه ،يأخد بعض المتس ِّولين للابتزاز اللفظي المرض بوضع ضمادات على
منه عنو ًة .والتكوين العكسي هو ثم الإلحاح فيه يعتم ُد على قراءة الجسد ،تلاها تسول مقنَّع مثل
الاستجداء الصامت والوضع هكذا المتسول الفاحصة لمن أمامه
يبعث برسائله الدالة ،فالصم ُت لغ ٌة فهو يختارهم بعناي ٍة تستدعي منه بيع المناديل الورقية ،أو بيع
بدائية قديمة يلتقطها اللاشعور، بذل الجهد كي يجني منهم القد َر أوراق تحمل أدعية ،أو البضائع
لغ ٌة كاشفة عن الرغبة ،عن حوار الأكبر من المال ،على حين يطلب الرخيصة في وسائل النقل ،وفي
الأماكن العامة ،كذلك السير بكبار