Page 247 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 247
من حكايات الجدات في الطفولة العجائبي ..وإذا كان ذلك لم ي ِغب
تشرب ُت تناس َل الحكايات عن رواية مما كتب ُت ،فذروة ذلك
وغايته كانت في رباعية (مدارات
وتوليدها .وهذا ما تر َّسخ في الشرق) .ويبدو أنه جاء في (تاريخ
الوعي وفي الأعماق بفضل التراث العيون المطفأة) بقوة أي ًضا ،حيث
السردي ،بخاصة منه (كليلة ودمنة) حكاية نجم الدين الصمدي مث ًل
و(ألف ليلة وليلة) والتراث السردي تفتح على فتوته وعشقه للزهور
الديني العجائبي ..وإذا كان ذلك ولمرتا ،وتنثال إلى البحث في اليمن
عن أصل أسرته ،إلى حكاية أبناء
لم ي ِغب عن رواية مما كتب ُت، وبنات القمر في اليمن ،إلى حكاية
فذروة ذلك وغايته كانت في
ابنته مليكة في تعلُّقها بالزهور
رباعية (مدارات الشرق) وفي دراستها لفلسفة الرياضيات
وفي عش ِقها لأستاذها وفي عشقها
المحورية .ويغلب أن تتولَّى فيما أذكر جاءت هذه اللعبة لمولود ..وبلغة الأرقام ،لا يعادل
شخصي ُة ما السرد ،دون أن البديعة في رواية نجيب محفوظ كل ذلك خمسة بالمئة من الرواية.
تفسح للسارد العليم كما يفعل
هو .والحق أنه يفعل مضط ًرا (ميرامار) عام ،1967ثم إنها حكاية ُتفضي إلى حكاية
وليس مختا ًرا .وهنا قد ُيع َزى في رواية جبرا إبراهيم جبرا ح ًّقا ،ورا ٍو يحيل على را ٍو ح ًّقا،
ذلك إلى طبيعة الشخصية أو إلى (السفينة) عام .1970وفي عام وقصص متداخلة ح ًّقا ،ولكن أرجو
الاستراتيجية السردية للرواية، 1972جاءت رواية سليمان فياض أ َّل تكون مشتَّتة للمعنى ،فالمرام أن
مما قد يؤ ِّشر إلى الخيارات (أصوات) ،وكانت (ثلج الصيف) تغتذي بالمعنى وتغ ِّذيه ،أن تصوغه
الرابعة ،لكن أولاء الثلاثة الكبار وهي تف ِّككه وتقلِّبه ،فالمرام هو:
الحاسمة للكاتب. كانوا نجو ًما ،وكنت في الثامنة من التش ِّظي إلى الصياغة ،دواليك،
أما الاشتباك الزمني فهو ما والعشرين ،أحبو على درب حتى ليلتبس ذلك بالتشتيت ،لكنَّه
تنتهي إليه لعبة تكسير أحادية محاولة في بناء المعنى الروائي.
الزمن الخطي التصاعدي ،من الرواية.
مقتضيات ومن علامات تجديد في (تاريخ العيون المطفأة) ما يميز الرواية وما يشكل
اللعبة الروائية وحداثتها .ومثل ما إن يبدأ السار ُد العليم حتى غرابتها في نفس الوقت ،هو
ذلك هو ما تسميه غموض الأمكنة، صعوبة تعيين الراوي ،إضافة
تتولَّى السر َد منه شخصي ٌة إلى الاشتباك الزمني وغموض
أخرى ،وبخاص ٍة من الشخصيات الأمكنة .ما سبب هذا الاختيار؟
طالما تطلَّعت إلى أن يتع َّدد روا ُة
الرواية ،فلا يتو َّلها سار ٌد عليم
ومهيمن ،وقصاراه –بالتالي– أن
يكون واح ًدا من الرواة ،صو ًتا من
أصوات .وقد بدأت ذلك مب ِّك ًرا،
منذ روايتي (ثلج الصيف) التي
صدرت عام ،1973حين كانت
لعبة البوليفونية وتع ُّدد الأصوات
نادرة.