Page 265 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 265

‫سوزان جرينفيلد‬                        ‫مارشال ماكلوهان‬                           ‫مشاهدا ٍت تطبيقيَّ ٍة وأمثل ٍة سائرة‬
                                                                                   ‫فاعلة‪ .‬لا يه ُّمني هنا تبنِّي لغة‬
 ‫بالنظر إلى الأجهزة الرقمية يمكن‬       ‫التكنولوجي في مجال ووسائل‬
‫القول إ َّنها أحدث حلق ٍة في سلسلة‬      ‫الاتصال‪ ،‬فمن المر َّجح في هذا‬         ‫البحث الأكاديمي في تقديم وص ٍف‬
 ‫طويلة من الابتكارات‪ ،‬وهي أخطر‬       ‫العصر الرقمي الذي ولد نو ًعا من‬          ‫للإطار الهيكل ِّي للكتاب الذي صدر‬
                                      ‫الكائنات الفائقة ‪ superbeing‬أو‬
   ‫حلقة‪ .‬إن أول شيء نقوم بفعله‬         ‫مج َّرد بشر عاديين أكثر ملاءم ًة‬          ‫ضمن سلسلة عالم المعرفة عن‬
 ‫عند الاستيقاظ صبا ًحا هو فحص‬        ‫لحياة الشاشة‪ ،‬أن يكون الآباء في‬            ‫المجلس الوطني للثقافة والفنون‬
                                        ‫عالم رقمي ضعيف إذا قورنوا‬              ‫بالكويت‪ ،‬لكنني سأ َّتخذ من حرف ِة‬
    ‫الهاتف الذكي (‪ 62‬في المائة)‬       ‫بعالم المواطنين الرقميين أقصد‬             ‫التشويق وبنية الاندهاش مسا ًقا‬
    ‫يفعلون ذلك‪ ،‬و(‪ 79‬في المائة)‬      ‫الأبناء‪ ،‬أمر قد يولد انقسا ًما ثقافيًّا‬    ‫للعرض باعتبار الظرف المقالي‪.‬‬
  ‫يفعلون ذلك في الدقائق الخمسة‬        ‫من الصعب على الآباء والأ َّمهات‬           ‫ومادامت الصورة هي الفاعلة‬
     ‫عشرة الأولى من الاستيقاظ‪.‬‬        ‫معرفة أفضل السبل للتعامل مع‬               ‫والمسيطرة‪ ،‬وبما أنها آخذ ٌة الآن‬
 ‫وفي أثناء الإفطار تتص َّفح رسائل‬      ‫المواقف التي يرون حدسيًّا أنها‬           ‫في الانزواء ليح َّل الحد ُث شاه ًدا‬
  ‫البريد‪ ،‬ثم تقوم بالرد‪ ،‬وإذا كنت‬    ‫تنطوي على خط ٍر ما تجاه الأبناء‪،‬‬
   ‫من المستخدمين الجيدين لهذه‬          ‫فالوقت المفرط الذي ينفق على‬                ‫والكلمة مؤثرة‪ ،‬فالمعرو ُف أ َّن‬
  ‫الرقمنة فسوف تف ِّضل أن تؤدي‬       ‫الأنشطة المعت ِمدة على الحاسوب‬            ‫الصورة الآن فقدت بع َض رون ِقها‬
   ‫عملك من المنزل‪ ،‬كما سيفضل‬         ‫من ِقبل الأطفال‪ ،‬يقابله استهجان‬          ‫في مقابل لغ ِة الحدث الطاغية‪ ،‬ثمة‬
 ‫صاحب العمل ذلك‪ ،‬عدم خروجك‬             ‫من قبل الآباء‪ ،‬وسوء فهم يتولَّد‬         ‫تصار ٌع مرير بين حركة الصورة‬
     ‫يتطلَّب تلبية بعض المتطلبات‬      ‫عند الأطفال ومن ثم يقع التباعد‬           ‫التي أصبحت متأ ِّخرة نو ًعا ما عن‬
    ‫المنزلية التي يجب أن تحصل‬
‫عليها من الخارج‪ ،‬تسعفك الرقمية‬            ‫بين المناسب وغير المناسب‬                ‫حركة الحدث الأكثر انتشا ًرا لا‬
 ‫في الاتصال‪ ،‬عليك أي ًضا أن تتاب َع‬      ‫قدي ًما وحديثًا‪ .‬هذا الافتراض‬          ‫على رأس الساعة‪ ،‬وأي دقيقة لم‬
 ‫أخبار المشاهير‪ ،‬وأصدقاءك على‬          ‫معناه البحث عن أسبا ٍب لتغيير‬          ‫نتع َّجب فيها الآن من غرابة الحدث‬
    ‫فيسبوك‪ ،‬وإنستجرام وتويتر‪،‬‬        ‫هذا العقل الذي يعطي مساحة من‬
     ‫وهر ًبا من ملل العمل ستكون‬       ‫الإيجابيات‪ ،‬وعلى النقيض تتولَّد‬              ‫وسرعة تن ُّوعه وتواليه‪ .‬أقول‬
   ‫مطالبًا بمشاهدة بعض الحلقات‬                                                   ‫استنا ًدا إلى رسالة الصورة أن‬
    ‫التليفزيونية والأخبار المحلية‬               ‫مساحة من السلبيات‪.‬‬            ‫مارشال ماكلوهان جادل في كتابه‬
    ‫والصراعات العالمية‪ ،‬سيضي ُع‬        ‫كيف يبدأ سلوك تغير العقل؟‬               ‫المعنون (فهم وسائل الإعلام) أن‬
                                                                                ‫التكنولوجيا ليست قنا ًة محايدة‪،‬‬
                                                                                  ‫إنها تؤثر في العمليات الذهنية‬
                                                                              ‫«الوسيلة هي الوسيلة» إ ًذا لا مجال‬
                                                                               ‫لسلامة النوايا مع حركة الصورة‬
                                                                                   ‫ولغة الشاشة‪ .‬هذا الاستدلال‬

                                                                                   ‫يعني أننا أمام صناعة مع َّقدة‬
                                                                                ‫وخطيرة‪ ،‬تعزف على تغيير بنية‬
                                                                                 ‫العقل وحركة الدماغ في «عالم‬

                                                                                  ‫لم يكن بالإمكان تص ُّوره حتى‬
                                                                                 ‫قبل بضعة عقود‪ ،‬وهو عالم لم‬
                                                                                ‫يكن له مثيل في تاريخ البشرية‪،‬‬
                                                                                ‫إنه عالم ثنائي الأبعاد مؤلَّف من‬
                                                                              ‫البصر والصوت فقط»‪ .‬عال ٌم سمح‬
                                                                                ‫بد ًءا بحركة التقسيم على أساس‬

                                                                                    ‫اللغة الرقمية وحركة التطور‬
   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270