Page 75 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 75
75 إبداع ومبدعون
قصــة
إبراهيم فرغلي
قارئة القطار
(فصل من رواية)
أما أنا فبدوت كغب ٍّي ينتقم من أشخاص لا يعرفهم أمسكوني ،وانتهى الأمر بي مقي ًدا و ُمسا ًقا
بد ًل من مجرمين لم يجد لهم أث ًرا .لكن ردة فعلهم
بأيدي من لا أعرفهم ،من دون قدر ٍة لي على
بدت لي مستف ِّزة بشكل يثير الجنون.
المقاومة .لس ُت أدري من أين جاءوا جمي ًعا ،كيف
أمسك ُت بالساقية .هاجمتها ،وقيَّدت حركتها. انش َّقت أرض القطار ونثرتهم من حولي؟ الطبيب
أدركت حينئذ لأول مرة مدى قدرتي الجسدية. الذي فحصني أكد إصابتي بحال ِة انهيا ٍر عصبي،
والمح ِّقق الذي ظهر من المجهول و َّجه لي ا ِّتها ًما
ق َّربت السكين من جبينها بإحدى يدي ،وبالأخرى
أحطت رقبتها مقيِّ ًدا حركتها .كنت أعرف أن تهديدي بالشروع في جريمة قتل .والملهمة التي عرفت
بقتلها سيخي ُف الجميع ،لأ َّنها الوحيدة التي ترتبط أن اسمها إلهام حين ُعدت لعربة الحفل ،محمومة
ومصابة بطعنات حادة في فخذها ،أما الرجل
بالجميع ويعرفونها فر ًدا فر ًدا.
طلبت منهن التفاوض لإرسال مندوبة منهن الكفيف ،الذي انبثق أمامي قبل دخولي لعربة الحفل،
ومنحني ذلك السكين لكي أن ِّفذ تهديدي ،فقد اختفى
إلى سائق القطار لأ َّنني فشلت في الوصول إليه.
قلت لهن لا أطلب منها سوى إقناع السائق بتهدئ ِة ولم يعد له أثر.
فشلت محاولتي إيقاف القطار بتهدي ِد مخلوقات
السرعة لدقائق تكفيني للقفز من القطار ،وبعدها
القطار .وبالرغم من الفزع والتوتر وأصوات
يستكملن مسيرتهن الأبدية في هذا القطار الملعون.
الصراخ والبكاء ،خصو ًصا حين بدأت أل ِّوح بالسكين
لكنهن رحن يضحكن ويق ْهقهن كما لو أنني أقول في الهواء مثل المجانين لأؤكد لهن اعتزامي ذبحهن
نكا ًتا ،ولم يكن أمامي سوى استخدام السكين .ولما
زاد الضحك ،وشعرت في رنة الضحك استهان ًة بي واحد ًة بعد الأخرى إذا لم يساعدنني في إيقاف
القطار ،فإن أ ًّيا منهن لم تمتلك شيئًا لتفعله.
وبتهديداتي ،رفعت يدي عاليًا وهويت بها لتشق
ثوب الساقية ،فأدركت أنا نفسي مدى حدة السكين َبد ْون حائرات ،مذعورات ،مغلوبات على أمرهن.